في حضرة الغياب.. الأقصى يستغيث
نشر بتاريخ: 2025/08/04 (آخر تحديث: 2025/08/04 الساعة: 23:05)

اقتحم مئات المستوطنين ساحات وباحات المسجد الأقصى في مشهدٍ مقززٍ ومستفزٍ، وهم يقيمون الصلوات والرقصات التلمودية في يوم خراب الهيكل المزعوم.

بالأمس كان الأقصى وحيدًا، يشتبك بتاريخه الحضاري والإنساني والوجداني مع مجرمي العصر الحديث، وهم يتراقصون على بلاطه المقدس، ويتطاولون على قدسية المكان وطهارته، في تحدٍّ واضحٍ وصارخٍ لكل مشاعر العرب والمسلمين، ولكل مؤمنٍ بأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، مسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

بالأمس كان الأقصى وحيدًا، لا يجد من يدافع عنه، ومن يحميه من بطش الغزاة المستوطنين، وقد جاء الزمن الذي نرى فيه هذه الرقصات المستفزّة، في ظل صمتٍ عربيٍّ ودوليٍّ، وفي ظل اشتداد حرب الإبادة والتجويع، وكان لبن غفير أن يتزعم كل المجموعات التي استباحت أروقة الأقصى والصخرة المباركة.

وفي ذروة المشهد، كانت حجارة المكان تلعن طقوسهم ورقصاتهم، وتبكي الضعف العربي، وانحياز العالم الشاهد والساكت على هذه الجرائم، فقد امتدت أيديهم الآثمة إلى كل الأزقة، ومشت أقدامهم وقلوبهم بخبث النوايا ومساعيهم الدائمة نحو التهويد، فلم يعد الأمر يقتصر على التقسيم الزماني والمكاني، بل بات إصرارهم واضحًا على تهويد المكان والزمان.

إنها أيام وأشهر ثقيلة، يتمادى الاحتلال ويواصل حربه على الإنسان والبنيان والتاريخ وعلى الأديان والمقدسات، ضاربًا كل المبادئ والشرائع والقوانين، ومستبيحًا قدسية المسرى وقبلة المؤمنين.

بالأمس، كان المسجد الأقصى، بتاريخه وقدسيته ومكانته الدينية والسماوية، يشهد على أرضه وساحاته رقصاتٍ رعناء، واغتيالًا ممنهجًا يقوده بن غفير ونتنياهو وسموتريتش، وغيرهم من أصحاب الفكر المتطرف وعقيدة الإرهاب، ممن يعملون ليل نهار على تهويد المكان الرافض لكل عمليات التهويد. فقد فشلت كلّ عمليات الحفر والبحث، وفشل كثيرٌ من علماء الآثار الذين جِيءَ بهم لينقبوا عن آثار الهيكل المزعوم، فلم يجدوا ولو أثرًا واحدًا يتخذونه دليلًا يمسكون به، فكان الأقصى، حتى سابع أرض، وكانت الصخرة المباركة التي صعد منها النبي محمدٌ نحو السماء، وكانت القدس عربية الهوى، فلسطينية التاريخ والهوية، سماوية الرسالة، تدحض كل الأكاذيب من فوق أرضها ومن تحتها، وتستغيث كل أحرار العالم لوقف هذه الممارسات والاعتداءات، ورفع الظلم وإنهاء الاحتلال.

غيابٌ عربي غير مبرَّر، وصمت دولي عام، والقدسُ وحدها تتعرّض لموجات من التهويد، والاقتحامات، والاستفزازات، والاعتداءات المتكرّرة كل يوم، تحت حراسة مشدّدة من جنود الاحتلال المدججين بالعتاد والسلاح، وهم يحرسون تلك الاعتداءات، ويوفرون الحماية لقطعان المستوطنين الساعين لفرض واقعٍ جديد بالكذب والقوة والغطرسة.