حذر المحلل السياسي الإسرائيلي إيتامار إيشنر من أن الأيام المقبلة ستشهد موجة عالمية من مشاهد توثق دمارا هائلا في قطاع غزة، والتي ستهيمن على المشهد الإعلامي الدولي لفترة طويلة.
وأوضح إيشنر في مقال نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أن وسائل الإعلام العالمية، التي سيسمح لها بدخول غزة بعد منع دام أكثر من عامين، ستستقبل بحفاوة من قبل المواطنين الغزيين، الذين سيشاركون قصصهم الإنسانية المؤلمة، مرفقة بصورة تذكر العالم بدمار هيروشيما الذي خلفته القنبلة الذرية الأمريكية عام 1945.
لكنه أشار إلى فارق جوهري بين الحالتين: ففي عصر وسائل التواصل الاجتماعي اليوم، لن تبقى هذه الصور حبيسة الأرشيف، بل ستنطلق بقوة عبر المنصات الرقمية، لتحدث صدمة عالمية غير مسبوقة.
وفي تحليله لمستقبل إسرائيل على الساحة الدولية بعد انتهاء الحرب، قدم إيشنر سيناريوهين محتملين: الأول “المتفائل”، الذي يفترض أن تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، بما في ذلك إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين وانسحاب الجيش الإسرائيلي إلى خط متفق عليه، سيهدئ الغضب العالمي، ويفتح الباب أمام عودة إسرائيل تدريجيا إلى “حضن العالم المستنير”، مع تراجع دعوات المقاطعة والعقوبات.
أما السيناريو الثاني، والذي وصفه بأنه “الأرجح”، فيرى أن إسرائيل ستعاني لسنوات من تداعيات سياسية ودبلوماسية ثقيلة، كان بالإمكان تجنبها لو تم أدراك الأزمة بكفاءة. وفي هذا السيناريو، ستستمر الدعوات لعزل إسرائيل رياضيا وثقافيا وعلميا، ولن تتراجع معاداة السامية، بل ستبقى مرتبطة ارتباطا وثيقا بكراهية إسرائيل، التي انفجرت بعد 7 أكتوبر.
وحذر إيشنر من أن خصوم إسرائيل سيواصلون تصويرها على أنها “المجذوم الجديد” للعالم، بدعم مالي وسياسي من دول مثل الصين وإيران وروسيا وقطر، التي ترى أن المعركة الحقيقية اليوم تخاض في ساحة الوعي، لا في ساحات القتال.
غير أن إيشنر يرى أن الواقع سيكون مزيجا من السيناريوين: فإسرائيل ستظل تناضل من أجل شرعيتها الدولية، كما فعلت قبل 7 أكتوبر، بل وبشكل أكثر تصميما بعد “السبت الصعب”. لكن الفارق الآن، بحسب تحليله، هو وجود “أمل” لدى المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة، في أن يشهد الشرق الأوسط تحولا من الحروب إلى التعاون، ومن الدمار إلى البناء.
وخلص إيشنر إلى تحذير صريح: “لن يكون هناك سوى سيناريو واحد كارثي لإسرائيل: العودة إلى القتال. ولن يغفر لنا العالم ذلك، بغض النظر عمن يتحمل مسؤولية اندلاعه مجددا”.