متابعات: تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، التلكؤ والمماطلة في تنفيذ الالتزامات المترتبة عليها بموجب اتفاق وقف الحرب على غزة، إذ قرر تقليص كمية المساعدات، ولم تلتزم بالضوابط المتعلقة بتسليم جثامين الشهداء المحتجزة.
وفي حين تحدثت وسائل إعلام عبرية أمس، عن توجه إسرائيلي لفرض عقوبات على قطاع غزة، تشمل عدم السماح بفتح معبر رفح كما كان مقرر اليوم الأربعاء، وتقليص المساعدات إلى غزة، بدعوى قضية عدم تسليم جميع جثامين الأسرى الإسرائيليين.
وفي وقت لاحق ذكرت هيئة البث الإسرائيلية، أن الحكومة الإسرائيلية تراجعت عن إغلاق معبر رفح، في المقابل أكدت الأمم المتحدة أنها تلقت إشعاراً من سلطات الاحتلال الإسرائيلية يفيد بعزمها خفض عدد شاحنات المساعدات المقررة لدخول قطاع غزة إلى النصف، من أصل نحو 600 شاحنة كانت إسرائيل قد تعهدت بالسماح بمرورها بعد وقف إطلاق النار.
وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، في مؤتمر صحفي عقده مساء أمس الثلاثاء، إن وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية أبلغت المنظمة في رسالة رسمية بقرارها تقليص عدد الشاحنات المتجهة إلى غزة، بذريعة تتعلق بعودة الجثامين.
وأضاف حق: “نحن على علم بما ورد في رسالة وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق”، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة تسعى لإيصال أكبر قدر ممكن من المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وأكد أن المنظمة الدولية تطالب جميع الأطراف بالالتزام بتعهداتهم، بما في ذلك إعادة جثامين الأسرى المتوفين، وتنفيذ باقي بنود اتفاق وقف إطلاق النار، وعلى رأسها ضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في القطاع.
في هذه الأثناء، حذّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من أنّ خطر المجاعة وسوء التغذية وما يترتب عليهما ما يزال قائمًا في قطاع غزة، رغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، مؤكّدًا أنّ الكميات المحدودة من البضائع والمساعدات التي سُمح بدخولها إلى القطاع لا تمثّل سوى جزء ضئيل من الاحتياجات الفعلية، ولا تكفي لسدّ الفجوة العميقة في العجز الغذائي والتمويني الذي فرضته إسرائيل عمدًا كأداة للإبادة الجماعية خلال عامين من العدوان العسكري والحصار الشامل على القطاع.
وعبّر المرصد الأورومتوسطي، في بيانٍ له الثلاثاء، عن قلقه البالغ إزاء ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية عن وجود توجهات وتوصيات إسرائيلية بإصدار قرار سياسي رسمي في إسرائيل يقضي بتقليص كميات المساعدات الإنسانية التي تُسمح بدخولها إلى قطاع غزة، وعدم فتح معبر رفح كما كان مقررًا بدءًا من يوم الأربعاء، وذلك كإجراءٍ عقابي ضد حركة حماس، بذريعة عدم الإفراج عن جثث قتلى إسرائيليين.
وأكد الأورومتوسطي أن متابعة فريقه الميداني أظهرت أنّ إسرائيل سمحت بإدخال 173 شاحنة مساعدات فقط، من بينها 3 شاحنات غاز طهي و6 شاحنات وقود (سولار)، فيما تضمّنت بقية الشاحنات كميات محدودة من المواد الغذائية والتموينية وبعض المستلزمات الطبية، إلى جانب مواد غير أساسية، وذلك على مدار يومين عقب وقف إطلاق النار يوم الجمعة الماضي.
وأوضح الأورومتوسطي أنّه لم يُسمح بدخول أي شاحنات أمس الإثنين بحجة الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين، كما لم يُسمح بدخولها اليوم بحجة الأعياد اليهودية، في انتهاكٍ صريح لبنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي نصّ على إدخال ما لا يقلّ عن 600 شاحنة يوميًّا إلى القطاع.
وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أنّ تحكّم إسرائيل في حجم المساعدات وعدم التزامها بتنفيذ الاتفاق، واتجاهها نحو تقليص إضافي في الكميات، لا يمثّل مجرد خرقٍ لبنود اتفاق وقف إطلاق النار، بل استمرارًا فعليًا في جريمة الإبادة الجماعية من خلال حرمان السكان من حقوقهم الأساسية، وفي مقدّمتها الحق في الغذاء والماء والدواء، وفرض ظروف معيشية مهلكة، موضحًا أن استمرار ذات السياسات يعكس إصرار إسرائيل على استخدام التجويع كأداة مركزية في استراتيجيتها لتدمير المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة.
وأكد أنّ إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة ليس امتيازًا تمنحه إسرائيل، بل واجب قانوني غير قابل للمساومة، يكفله القانون الدولي الإنساني بوصفه حقًا مطلقًا للسكان المدنيين في زمن الحرب. وأوضح أنّ أي محاولة لربط الغذاء أو الدواء بشروط سياسية أو ترتيبات أمنية تمثّل انتهاكًا صارخًا للحقوق الأساسية، بما فيها الحق في الحياة والكرامة والسلامة الشخصية والصحة والغذاء والماء.
وشدد على أنّ المساعدات يجب أن تُقدَّم وفق مبدأ الحياد والاحتياج الإنساني البحت، دون تمييز أو تأخير أو انتقائية، وأنّ خضوعها لأي قيود أو تفاوض سياسي يُحوّلها من وسيلة إنقاذ إلى أداة تدمير وتهجير، ويشكّل مساهمة فعلية في استمرار الجريمة.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ سكان قطاع غزة، الذين يُقدَّر عددهم بأكثر من مليوني نسمة، عانوا خلال العامين الماضيين من مجاعة حقيقية وسوء تغذية حاد ما تزال آثارهما المدمّرة واضحة حتى اليوم. وأوضح أنّ معدلات الهزال وفقر الدم ونقص النمو بين الأطفال ارتفعت بصورة غير مسبوقة، فيما يعاني مئات الآلاف من النساء والحوامل والمسنين من ضعفٍ شديد في المناعة ونقصٍ مزمن في العناصر الغذائية الأساسية، في ظل انعدام القدرة على الحصول على الغذاء الكافي والمتنوع.
وفي إطار الانتهاكات الميدانية، أفادت مصادر في مستشفيات قطاع غزة باستشهاد 7 فلسطينيين بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ صباح الثلاثاء، منهم 5 شرقي مدينة غزة، في حين أحصى مكتب الإعلام الحكومي 14 خرقا من قِبل الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار.
وفي السياق، لا يزال الاحتلال الإسرائيلي يماطل في تنفيذ الالتزامات المترتبة على اتفاق وقف إطلاق النار فيما يتعلق بتسليم جثامين الشهداء الفلسطينيين سواء فيما يتعلق بالأعداد أو المعلومات.