مرسوم الخلافة هل بدأ السباق على خلافة عباس؟
نشر بتاريخ: 2025/10/30 (آخر تحديث: 2025/10/30 الساعة: 22:24)

 

أثار المرسوم الرئاسي الأخير الذي أصدره الرئيس محمود عباس بشأن تولي نائب رئيس دولة فلسطين رئاسة السلطة الفلسطينية في حال شغور المنصب حالة من الجدل الواسع، وفتح باب التأويلات حول نوايا المرحلة المقبلة، خاصة وأن المرسوم جاء في ظل تسمية القيادي حسين الشيخ نائباً لرئيس الدولة، وهي وظيفة رمزية لا تتمتع بصلاحيات تنفيذية لكنها أصبحت اليوم في قلب النقاش حول ترتيبات ما بعد عباس، واعتبر مراقبون هذا المرسوم بمثابة إعلان غير مباشر عن رغبة الرئيس في تمرير خليفته المحتمل وترسيخ موقعه تمهيداً لمرحلة ما بعد غيابه.

المشهد السياسي الفلسطيني اليوم يختلف جذرياً عما كان عليه في عام 2005 حين كان الرئيس محمود عباس المرشح التوافقي الوحيد لخلافة الزعيم الراحل ياسر عرفات، أما الآن فإن الساحة الفلسطينية وتحديداً داخل حركة فتح تعيش انقساماً واضحاً وصراع أجنحة محموماً على موقع الخلافة في ظل غياب المؤسسات التمثيلية الفاعلة مثل المجلس التشريعي، وتراجع دور منظمة التحرير وضعف الحالة الديمقراطية الفلسطينية.

هذا القرار بإعتقادي لم يأتِ من فراغ فإلى جانب التحضيرات الداخلية يعيد البعض توقيته إلى التصريح اللافت للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب؛ الذي لمح فيه إلى إمكانية الإفراج عن الأسير القائد مروان البرغوثي، وهو ما فُهم على أنه رسالة تحذير مبطّنة لبعض القيادات الفلسطينية التي تخشى من أن يؤدي إطلاق سراح البرغوثي إلى إعادة خلط الأوراق ونسف طموحاتها السياسية القائمة على غياب البرغوثي من المشهد.

شعبية البرغوثي وحضوره الرمزي في الوعي الفلسطيني تشكل تهديداً حقيقياً لأية ترتيبات مغلقة قد تحاول فرض شخصية خلافية أو غير توافقية على رأس النظام السياسي الفلسطيني، لذلك يرى البعض أن إصدار المرسوم في هذا التوقيت ليس سوى محاولة استباقية لفرض أمر واقع وقطع الطريق أمام أية مفاجآت قد تُفرض من الخارج أو من الداخل.

في ظل كل ذلك يبدو أن هذا المرسوم سيكون بداية فعلية لمعركة خلافة حقيقية داخل حركة فتح ومؤسسات السلطة مع غياب أي أفق توافقي واضح حول شخصية واحدة قادرة على قيادة المرحلة المقبلة بإجماع وطني وشعبي.

وما بين التكهنات والتحضيرات والتصريحات المتضاربة تبقى الساحة الفلسطينية مفتوحة على سيناريوهات متعددة قد يكون أكثرها تعقيداً هو محاولة تمرير خلافة مغلقة دون الرجوع للإرادة الشعبية الفلسطينية التي تنتظر التغيير وترفض التوريث السياسي بكل أشكاله حتى وإن كانت مدة شغور المنصب محددة والتي يمكن أن تمتد لفترات وفقًا للظروف السياسية الراهنة