غزة بعد الحرب... هل تنجح القاهرة في جمع شتات الفصائل الفلسطينية؟
نشر بتاريخ: 2025/11/04 (آخر تحديث: 2025/11/04 الساعة: 20:57)

تجري الفصائل السياسية الفلسطينية مناقشات مغلقة قد تؤدي إلى قيام "حماس" بدور في تشكيل إدارة ما بعد الحرب في غزة، على الرغم من تعهد إسرائيل بالقضاء على الجماعة المسلحة في القطاع، والصراع المستمر منذ عقود بين "حماس" والسلطة الفلسطينية.

وتعمل الفصائل الفلسطينية الثمانية المشاركة في المحادثات، بما في ذلك "فتح" و"حماس"، على التوصل إلى توافق بشأن العناصر الرئيسية لإدارة موقتة عندما تجتمع في القاهرة، بحسب ما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مسؤولين فلسطينيين وعرب آخرين وأفراد مشاركين في المحادثات.

بدورها، أفادت قناة "بي بي سي" بأن الفصائل ستجتمع هذا الأسبوع في القاهرة لبحث ملامح إدارة انتقالية لقطاع غزة. وقالت المصادر إن الفصائل ستبحث تشكيل لجنة تكنوقراط تتولى إدارة القطاع خلال المرحلة المقبلة، بما في ذلك اختيار من سيتولى رئاستها، وما إذا كانت ستعمل تحت مظلّة السلطة الفلسطينية، إذا استمر وقف إطلاق النار الحالي.

وفي هذا السياق، يقول الخبير والباحث الفلسطيني المتخصص بالشأن الإسرائيلي عادل شديد لـ"النهار" إن "هذه الاجتماعات تتم بناءً على طلب القاهرة لأن القيادة المصرية ترى أن الأمور في غزة ذاهبة باتجاه ليس مريحاً. وبالتالي تريد أن تقدم رؤية عربية فلسطينية تشكل بديلاً مقنعاً لتصبح جزءاً من النقاش وجدول الأعمال المطروح"، ويضيف: "بالتأكيد إسرائيل والولايات المتحدة لن تقبلا، ولكن بالنهاية القراءة المصرية تقول إنه ممنوع التسليم أمام التصور الأميركي الذي يأخذ غزة باتجاه وصاية مجموعة من الدول، مرجعيتها إسرائيل والولايات المتحدة، وليس مجلس الأمن".

ويشير شديد إلى أن "موضوع الانقسام الفلسطيني يشكل عقبة أمام ذلك، ولولا التأثير المصري لما قبلت الجماعات الفلسطينية الدعوة أصلاً".

والسؤال المحوري هو ما إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أو الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي تدعو خطته للسلام إلى تشكيل إدارة جديدة، سيعترضان على حكومة غزة التي قد تنشأ عن المحادثات بين "حماس" و"فتح".

يقول المتحدث باسم حركة "فتح" وعضو المجلس الوطني الفلسطيني جمال نزال لـ"النهار": "المشكلة في هذه اللجنة هي أن اسرائيل تعترض على أن يكون لها أي ارتباط بالسلطة الفلسطينية، وتحتج أساساً على مبدأ أن يكون رئيسها وزيراً في السلطة الوطنية الفلسطينية".

ويضيف: "مسعانا الرئيسي هو أن تكون هذه اللجنة جزءاً من السلطة الوطنية الفلسطينية، وهذه هي النقطة المركزية للاعتراض الإسرائيلي على هذه اللجنة تشكيلاً ووصفاً وظيفياً"، ويتابع: "بالمجمل الأمور غير واضحة، سيكون هناك قرار في مجلس الأمن يتطرق إلى هذا الموضوع، والسلطة الفلسطينية بعثت برسائل إلى الجهات المعنية بمحددات فلسطينية تخص هذا الموضوع".

وقال مراقبو السياسة الفلسطينية لـ"واشنطن بوست" إن اتفاقاً محدوداً حتى بين حركتي "فتح" و"حماس" سيشكل تطوراً تاريخياً. فإذا تمت المصالحة بينهما، يمكن أن يشكلا الأساس لدولة فلسطينية مستقبلية تضم الضفة الغربية وقطاع غزة.

وأشار مسؤولون فلسطينيون وعرب وأشخاص آخرون مشاركون في المحادثات إلى أن الهيئة الإدارية الفلسطينية، في حال تشكيلها، يمكن أن تعمل جنباً إلى جنب مع مجلس السلام الدولي المتصور في خطة ترامب أو تحل محله، وتقوم بمهام الشرطة داخل غزة بدلاً من القوات الأجنبية التي يجري النظر في تكليفها بهذه المهمة. وتجري مناقشات منفصلة بشأن التكوين المحتمل لقوة استقرار متعددة الجنسيات.

ويقول الكاتب والباحث السياسي الدكتور مراد حرفوش لـ"النهار": "لا شكّ بأن الفصائل الفلسطينية بحاجة إلى اجتماعات متواصلة للمناقشة والاتفاق على المرحلة الثانية من خطة ترامب. وسيكون الحديث عن الإدارة الانتقالية من القضايا الشائكة والمعقّدة بين الفصائل الفلسطينية وكذلك بين الوسطاء، علماً بأنّ خطة ترامب لا تشير بوضوح إلى من هي الجهة المرجعية للجنة التكنوقراط"، مشيراً إلى أن "الخطة العربية – الإسلامية كانت تتحدث عن أن اللجنة التي ستحكم قطاع غزة بعد انتهاء الحرب ستكون مرجعيتها الحكومة الفلسطينية، وأن يترأس هذه اللجنة أحد الوزراء في تلك الحكومة".

ويضيف: "الوسطاء الإقليميون أقرب إلى هذا الطرح ويحاولون إقناع الإدارة الأميركية به، غير أن إسرائيل ترفض أن يكون من يدير القطاع أي طرف له علاقة بحركتي فتح أو حماس"، ويتابع: "لذلك، أرى أن على حركتي فتح وحماس تكثيف اجتماعاتهما والاتفاق على تشكيل اللجنة التي ستدير القطاع في اليوم التالي، نظراً لتعقيدات المشهد وعدم وضوح ترتيبات المرحلة الثانية من الخطة".

ويقول حرفوش لـ"النهار": "يجب أيضاً ربط مسألة تشكيل اللجنة بالتحرك المصري لعقد مؤتمر لإعادة إعمار القطاع خلال الشهر الحالي، إذ يبدو أن الجميع في سباق مع الوقت لترتيب الأوضاع والتوافق على تذويب الخلافات والتباينات القائمة بشأن الخطة التي لا تزال بحاجة إلى مفاوضات لتقليص التباعد في وجهات النظر حول قراءتها... فمنذ الإعلان عنها، اتسمت هذه الخطة بالغموض، وبدت أقرب إلى إطار عام لوقف إطلاق النار في غزة من دون رؤية واضحة لليوم التالي".

برغم التعقيدات والخلافات، تشكل محادثات القاهرة محاولة حقيقية لتجاوز الانقسام الفلسطيني. والنجاح في التوافق على إدارة انتقالية لغزة قد يرسم ملامح مرحلة ما بعد الحرب في القطاع.