القدس المحتلة - أخطرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خلال الأسابيع الماضية، أصحاب منازل وأراضٍ زراعية بالهدم والإخلاء في قرية قلنديا شمال القدس المحتلة، تمهيدًا لإقامة مصنع لحرق النفايات.
وكشفت حركة "السلام الآن" في تقرير يوم الأربعاء، عن مشروع إسرائيلي لإقامة مصنع لحرق النفايات في قرية قلنديا، سيؤدي إلى هدم مبنيين تسكنهما عشرات العائلات الفلسطينية، بالإضافة إلى الاستيلاء على نحو 150 دونمًا من الأراضي الزراعية لصالح هدم جدار الفصل العنصري وإعادة بنائه من جديد.
ولفتت إلى أن الحكومة الإسرائيلية كلفت شركة تطوير تابعة لبلدية الاحتلال في القدس بتحديد موقع لمنشأة لحرق النفايات.
وأوضحت أن الشركة اقترحت قطعة أرض مساحتها 130 دونمًا في قلنديا، ومعظم هذه الأرض أراضٍ زراعية، وتضم ما لا يقل عن سبعة مبانٍ سكنية تؤوي المئات من المواطنين.
وأشار التقرير إلى أنه خلال نيسان/أبريل الماضي، وقّع وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إشعارًا بموجب المادة 19 من قانون الأراضي الإسرائيلي، يُفعّل بموجبه قراري استيلاء سابقين يعودان إلى عامي 1970 و1982، ويغطيان المنطقة نفسها.
وتشمل المصادرة الأولى بتاريخ 30 آب/ أغسطس 1970، نحو 1,200 دونم للمنطقة الصناعية في "عطروت"، منها 390 دونمًا لأهالي قلنديا والباقي لبيت حنينا، بينما شملت المصادرة الثانية بتاريخ 1 حزيران 1982، مساحة 137 دونمًا خُصصت "لمنشأة أمنية".
ورغم أن معظم الأراضي استُخدمت لأغراض المصادرة، بقيت أجزاء منها مع المواطنين حتى أعاد سموتريتش تفعيل الأوامر القديمة لتسويغ المشروع الجديد، في خطوة تمثل التفافًا بيروقراطيًا على القانون لتوسيع السيطرة الإسرائيلية دون إصدار أوامر جديدة.
وفي أيار/ مايو الماضي، قررت حكومة الاحتلال، بناء منشأة النفايات في موقع قلنديا الذي اقترحته الشركة التابعة لبلدية الاحتلال في القدس، وإعادة مسار الجدار الفصل حيث يصبح موقع المنشأة خارج الجدار الفصل.
وخصص الاحتلال ملايين الشواقل للتخطيط والبناء، بما في ذلك حوالي 12 مليون شيقل (حوالي 3 ملايين دولار) من صندوق النظافة التابع لوزارة حماية البيئة الإسرائيلية لتمويل نقل جدار الفصل العنصري.
ولفتت التقرير إلى أن هذا القرار يعني عمليًا تهجير المواطنين من منازلهم وأراضيهم الزراعية لإفساح المجال أمام المصنع المخطط له.
وقالت حركة "السلام الآن" : إن "شهوة الحكومة للضم والتهجير لا حدود لها. يبدو وكأنه لا يوجد مكان آخر في منطقة القدس لبناء المصنع فيه، غير الدونمات القليلة المتبقية لسكان قرية قلنديا بعد عمليات المصادرة العديدة والجدران التي شُيدت حولها".
وأضافت أن "هذا يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ولأبسط القيم الأخلاقية، إذ يهجر عشرات السكان الخاضعين للاحتلال من بيوتهم وأراضيهم لصالح مصنع يخدم سكان دولة الاحتلال".
بدورها، وصفت محافظة القدس أن ما يجري في قرية قلنديا شمال المدينة يُجسّد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، ويمثل عملية تهجير قسري منظّم بحق عشرات العائلات المقدسية، تحت ذريعة إقامة منشأة لمعالجة النفايات واستعادة الطاقة لصالح بلدية الاحتلال في القدس، على أراضٍ فلسطينية تقع خلف جدار الفصل العنصري.
واعتبرت المحافظة في بيان اليوم، أن هذا المخطط يشكّل امتدادًا لسياسات الضم غير القانونية واستغلال الشعارات البيئية لتغطية أهداف استيطانية تهدف إلى تغيير الطابع الديمغرافي والجغرافي للمدينة المحتلة.
وقالت إن المخطط الإسرائيلي يستهدف عشرات العائلات في قلنديا، حيث وزعت ما تُسمى "سلطة أراضي إسرائيل" قبل أسبوعين أوامر إخلاء تطالب السكان بإخلاء منازلهم وأراضيهم الزراعية خلال 20 يومًا، مع تأكيد الأهالي عزمهم تقديم التماسات قانونية للطعن في القرارات.
ويعود المشروع إلى حزيران/ يونيو 2024، عندما كلفت حكومة الاحتلال شركة "عيدن" التابعة لبلدية الاحتلال بتحديد موقع لإقامة المنشأة، حيث اقترحت الشركة قطعة أرض مساحتها 130 دونمًا في قلنديا، تضم سبعة مبانٍ سكنية على الأقل وأراضٍ زراعية، تمهيدًا لبناء منشأة معالجة النفايات واستعادة الطاقة.
وأوضحت محافظة القدس أن سلطات الاحتلال تنفذ المصادرات عادة على مرحلتين: الأولى إشعار نية يصدره وزير المالية بموجب المادتين 5 و7، والثانية إشعار فعلي بالمادة 19 لتفعيل المصادرة، وقد أعادت في السنوات الأخيرة تفعيل أوامر قديمة بعد عقود طويلة لشرعنة الاستيلاء على أراضٍ جديدة دون إصدار أوامر رسمية جديدة.
ويشمل المخطط إعادة توجيه جدار الفصل بحيث تقع مساحة الـ130 دونمًا داخل الجانب الإسرائيلي، ما سيؤدي إلى مصادرة أراض إضافية وهدم المنازل القائمة بين المسارين الحالي والمقترح للجدار، وهو تناقض صارخ مع الادعاءات الإسرائيلية السابقة بأن مسار الجدار "أمني بحت".
يذكر أن الجدار الذي بُني عام 2011، قد قطع نحو 40% من أراضي قلنديا الزراعية، وعزل ثلاثة عشر منزلًا، ما اضطر سكانها لقطع 11 كيلومترًا عبر حاجز عسكري بعد إغلاق البوابة المؤقتة التي فتحت بضغط قانوني.
وأكدت محافظة القدس أن المشروع لا يشكّل تهديدًا سياسيًا فحسب، بل يخلق كارثة بيئية وصحية واسعة النطاق، إذ تتحول الأراضي الفلسطينية إلى مكب للنفايات الخطرة بما في ذلك النفايات الطبية، والمذيبات، والزيوت المستعملة، والمعادن الثقيلة، والبطاريات، والنفايات الإلكترونية.
وحذرت من أن هذه الممارسات تسبب تلوثًا للهواء والمياه والتربة، مع تداعيات صحية واقتصادية جسيمة على المواطنين، بما في ذلك ارتفاع معدلات الأمراض التنفسية والقلبية والسرطانية، وتدمير البيئة الزراعية والثروة الحيوانية والنباتية، مما يزيد الضغط على السكان ويؤسس لفرض واقع تهجيري وبيئي جديد في المدينة المحتلة
ودعت المحافظة المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف هذه السياسات التمييزية وحماية السكان المقدسيين.