تفاهمات واعدة للمرحلة الثانية من اتفاق غزة… وواقع ميداني يقوّض مسار التهدئة
نشر بتاريخ: 2025/12/21 (آخر تحديث: 2025/12/21 الساعة: 17:35)

أحرز الوسطاء الدوليون والإقليميون في ملف غزة تقدماً وُصف بـ«الواعد» بشأن الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، في ظل مساعٍ حثيثة للحفاظ على مسار التهدئة وفتح الباب أمام جهود إعادة الإعمار، غير أن هذا المسار السياسي يصطدم بتصعيد ميداني إسرائيلي متواصل، يُنذر بتقويض فرص تثبيت الاتفاق.

ففي وقتٍ أعلنت فيه الأطراف الوسيطة عن تفاهمات جديدة، شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء الجمعة، قصفاً مدفعياً استهدف مدرسة تؤوي نازحين في حي التفاح شرقي مدينة غزة، ما أسفر عن استشهاد ستة فلسطينيين وإصابة آخرين، بالتزامن مع غارات جوية وقصف مدفعي على مناطق في رفح وخان يونس جنوبي القطاع، في خرق جديد لاتفاق وقف إطلاق النار.

وكان وسطاء الاتفاق — الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا — قد اتفقوا خلال اجتماع عُقد في مدينة ميامي الأميركية على المضي قدماً في تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، عقب تقييم مخرجات المرحلة الأولى، وفق بيان مشترك. وتركّزت التفاهمات على تعزيز المساعدات الإنسانية، وخفض مستوى الأعمال القتالية، والشروع في ترتيبات تتعلق بالحكم وإعادة الإعمار والتكامل الإقليمي.

انتهاكات تُعقّد المسار

وفي هذا السياق، حذّر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان من أن الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة لوقف إطلاق النار تجعل العملية السياسية «بالغة الصعوبة»، مؤكداً في الوقت نفسه أن النقاشات التي جرت بين الوسطاء «تبعث على الأمل» بشأن الانتقال إلى المرحلة التالية.

وأوضح فيدان أن المشاورات تناولت معايير الانتقال إلى المرحلة الثانية، إلى جانب طرح أولي لخطة إعادة إعمار غزة، مشدداً على أن القطاع يجب أن يُدار من قبل سكانه، دون أي تقسيم جغرافي أو ترتيبات تُفرض من الخارج. كما كشف عن بحث جدول زمني لنقل إدارة غزة إلى لجنة من التكنوقراط، إضافة إلى مناقشة تشكيل «مجلس السلام» وآليات تفعيله.

مشهد ميداني دامٍ

في المقابل، وصفت حركة «حماس» القصف الإسرائيلي الذي استهدف مدرسة النازحين بأنه «خرق فاضح ومتجدد» لاتفاق وقف إطلاق النار. وأفادت مراسلونا بأن القصف طال مركزاً تعليمياً تابعاً لوزارة التربية والتعليم كان يؤوي عشرات العائلات النازحة، مشيرة إلى أن قوات الاحتلال منعت طواقم الإسعاف والإنقاذ من الوصول إلى الموقع لانتشال جثامين الضحايا.

كما ذكر مراسلونا أن القصف استهدف الطابق الثاني من المبنى أثناء تجمع عدد كبير من النازحين لحضور حفل زفاف، ما أدى إلى ارتفاع عدد الضحايا، في حين تواصل إطلاق النار من الآليات الإسرائيلية غرب رفح، إلى جانب غارات جوية وقصف مدفعي شرقي خان يونس.

سلطة غزية موحدة

من جانبه، أعلن المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف أن اجتماع ميامي ناقش تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق والتحضير للمرحلة الثانية، مشيراً إلى أن المرحلة الأولى حققت تقدماً تمثل في توسيع المساعدات الإنسانية، وخفض مستوى القتال، وانسحابات جزئية للقوات الإسرائيلية.

وأكد ويتكوف أن النقاشات شددت على ضرورة تمكين هيئة حاكمة في غزة ضمن سلطة غزية موحدة، بما يضمن حماية المدنيين والحفاظ على النظام العام، إلى جانب بحث آليات التكامل الإقليمي في مجالات التجارة والبنية التحتية والطاقة والمياه، باعتبارها ركائز أساسية لتعافي غزة وتحقيق استقرار طويل الأمد.

كما جدد المبعوث الأميركي التزام واشنطن بخطة السلام ذات النقاط العشرين التي طرحها الرئيس دونالد ترمب، داعياً جميع الأطراف إلى الالتزام ببنود وقف إطلاق النار، وضبط النفس، والتعاون مع آليات المراقبة، في وقتٍ تستمر فيه المشاورات لدفع تنفيذ المرحلة الثانية.

لقاء مرتقب بين ترمب ونتنياهو

وفي سياق متصل، ألمح الرئيس الأميركي إلى إمكانية عقد لقاء قريب مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في ولاية فلوريدا، دون تحديد موعد رسمي، رغم تقارير إسرائيلية سابقة تحدثت عن لقاء مرتقب لبحث المراحل التالية من اتفاق غزة وقوة الاستقرار الدولية.