نشر بتاريخ: 2022/11/03 ( آخر تحديث: 2022/11/03 الساعة: 08:02 )
نبيل عمرو

فلسطين في القمم... ذهابا ‏وإيابا

نشر بتاريخ: 2022/11/03 (آخر تحديث: 2022/11/03 الساعة: 08:02)

لم تغب فلسطين عن رزمة ‏القمم التي شهدها العالم في ‏القرن العشرين، أولها ‏وأهمها القمم العربية وتليها ‏الإسلامية ثم الأفريقية ثم ‏عدم الانحياز. ‏

كان الحضور الفلسطيني ‏متفاوت الصفة في كل هذه ‏القمم، يوفر للقضية زخمًا ‏دوليًا جعلها عصية على ‏التجاهل ومستحيلة على ‏التصفية. ‏

كان بوسعنا اعتبار القمم ‏بشتى عناوينها المنصة ‏الدولية الأهم التي وفرت ‏صدقية سياسية لمصطلح ‏القضية المركزية، والتي ‏أدخلت فلسطين بعد تجاهل ‏طويل الأمد إلى قلب ‏المعادلات الدولية بلغ الذروة ‏حين ألقى الرئيس ياسر ‏عرفات خطابه التاريخي أمام ‏الجمعية العامة للأمم المتحدة. ‏

كان للقمم العربية مذاقا ‏خاصا ومزايا متفردة، إذ ‏كانت تجسيدا للحاضنة ‏العربية الرسمية المستجيبة ‏للحاضنة الشعبية، ما وفر ‏سياجا منيعا يحمي الظاهرة ‏الفلسطينية من بطش ‏خصومها المقتدرين ‏وأشرسهم الخصم الأمريكي ‏آنذاك المتحالف بالجملة ‏والتفصيل والهدف مع ‏الخصم الإسرائيلي. ‏

كان اعتماد القمم العربية ‏لمركزية القضية الفلسطينية ‏وتمثيل منظمة التحرير ‏للشعب الفلسطيني مقترنا ‏بدعم مالي، وإن كان متفاوت ‏الالتزام إلا أنه ملأ خزينة ‏الصندوق القومي بما يكفي ‏من مال للانفاق على التوسع ‏الهائل للظاهرة الفلسطينية ‏والذي شمل العالم كله. ‏

إضافة إلى ما كان يحصله ‏كل فصيل بمجهوده الخاص ‏إذ كان المال والسلاح يتدفق ‏بسخاء من جانب جميع ‏المستثمرين في الحالة ‏الفلسطينية. ‏

أخذت القمم العربية ‏بالتراجع، إلى أن بلغت خط ‏الحد الأدنى وما دونه، ‏مكتفية بمجرد الحفاظ على ‏ما تبقى من النظام العربي ‏الذي ينطوي تحت يافطة ‏الجامعة العربية. ‏

لقد تداعت فكرة القمة تحت ‏ضربات الاقتتال العربي ‏العربي الذي لم يكن الربيع ‏الدامي أوله ولا آخر فصوله، ‏وبالنسبة للفلسطينيين فقد ‏تراجع زخمها كثيرًا وبدت ‏قراراتها في الشأن الفلسطيني ‏بالذات مجرد تكرار أو ‏استنساخ عن قرارات ‏متقادمة يكتبها الفلسطينيون ‏ويصادق عليها العرب حتى ‏دون قراءتها. ‏

التطور الذي أنجزته القمة ‏وبدا نوعيا في قراراتها ‏صدور المبادرة العربية ‏للسلام التي اعتبرت أول ‏موقف عربي واضح ومحدد ‏وجماعي نحو التسوية مع ‏إسرائيل، ورغم الجهد ‏الفلسطيني القوي لتسويق ‏المبادرة إسرائيليا وأمريكيا ‏ودوليا، إلا أنها وبفعل إهمال ‏صانعيها لها بدت كما لو أنها ‏ماتت بالسكتة ولم تعد ذات ‏شأن في مجال التداول ‏السياسي، حتى من اعتبر ‏أفضل رئيس سلمي لوزراء ‏إسرائيل ايهود أولمرت، أبلغ ‏أبو مازن أنه لم يطلع عليها ‏أما غيره فطلب أن يأتي ‏وزير الخارجية السعودي ‏آنذاك المرحوم سعود الفيصل ‏لإعلانها من على منبر ‏الكنيست!!!‏

تراجع القمم العربية مرتبط ‏منطقيا بتراجع الحالة العربية ‏من خلال التمزق والتشتت ‏ليس فقط في مجال العلاقات ‏البينية وإنما في الشؤون ‏الداخلية لكل دولة، فمن لا ‏تعاني من حرب أهلية أو ما ‏يشبهها تعاني من تدهور ‏اقتصادي ومخاوف أمنية في ‏غاية الجدية، ولأن السياسة ‏الخارجية يحددها الوضع ‏الداخلي لكل بلد فمن أين ‏نأتي بفاعلية حاسمة للقمة ‏العربية والجالسون على ‏مقاعدها يفكرون فيما ورائهم ‏وليس فيما أمامهم، فهم ‏قادمون من بلدانهم التي لكل ‏واحدة منها ما يكفي ويزيد ‏من التحديات الداخلية ‏والخارجية، ويستعجلون ‏العودة من حيث أتوا ‏ليواصلوا مواجهة أزماتهم ، ‏فمن لديه والحالة هذه ترف ‏الاهتمام بقضايا الآخرين؟ ‏ومن يقدر على إعادة القضية ‏الفلسطينية إلى وضعها بل ‏ومسماها القديم القضية ‏المركزية؟

بما أننا بصدد قمة تنعقد في ‏الجزائر وكانت الهدية ‏الجزائرية لها بيانا على ‏طريق وحدة الفصائل ‏الفلسطينية فبوسعنا اختزال ‏التوقعات أو نقلها من دائرة ‏التمني إلى دائرة الواقع ‏لأقول أخيرًا " نجحت ‏الجزائر في عقد القمة رغم ‏الصعوبات، أي أنها نجحت ‏في الذهاب، أما النجاح في ‏الإياب فلسطينيا وعربيا ‏فسوف يخرج من يد الجزائر ‏ليسلم إلى يد الفلسطينيين ‏والعرب وجملة لم الشمل ‏كشعار تصلح للحالتين إما ‏كتطبيق فدعونا نراقب ‏لنرى.‏

ملاحظة تستحق التأمل، ‏يتصادف انعقاد القمة العربية ‏مع إجراء الانتخابات ‏البرلمانية الإسرائيلية فأين ‏يتجه الاهتمام الشعبي.. ‏الجواب يحدد منسوب ‏الأهمية!!‏