الحركة النقابية في فلسطين.. تاريخ مشرف وضلع مكسور
نشر بتاريخ: 2022/06/04 (آخر تحديث: 2025/09/18 الساعة: 17:21)

بدأت فكرة التنظيم النقابي في فلسطين منذ بداية القرن العشرين، عملا بالقانون العثماني الصادر سنة 1909 والذي تم بموجبه تشكيل روابط اجتماعية بعيدة عن الشؤون السياسية .
اما التنظيم النقابي الفعلي فقد بدأ في عام 1920 وفي عام 1925 تشكلت (جمعية العمال العرب الفلسطينية). وبحكم الواقع الفلسطيني في ذلك الوقت والذي كان يعاني من الصراع بين المشروع القومي التحرري الفلسطيني والمشروع الصهيوني الذي يسعى لتثبيت قواعده الاقتصادية والسياسية والعسكرية ، حيث تم تأسيس الاتحاد العام للعمال اليهود ( الهستدروت) سنة 1920 والذي تستر وراء العمل النقابي واستمر في ترسيخ ركائز المشروع الصهيوني واتباع سياسة العنصرية ضد العمال الفلسطينيين. 
لقد لعبت الحركة النقابية الفلسطينية دورا هاما في حماية العمال الفلسطينيين والدفاع عن مطالبهم الاقتصادية والنضال من اجل تشريعات خاصة بحمايتهم. كما لعبت الحركة النقابية دورا مركزيا في الصراع مع المشروع الصهيوني وذلك بالمشاركة الفاعلة في انتفاضات وثورات سنة النكبة 1948 . وقبل النكبة شهدت الحركة النقابية تطورا كبيرا متأثرة بالمتغيرات الدولية التي سبقت الحرب العالمية الثانية ،حيث اتسع نطاق حرية التنظيم النقابي .

وكانت نكبة فلسطين سنة 1948 طعنة عميقة للتنظيم النقابي الفلسطيني أدت الى تشتت الآلاف من العمال وتشتت الشعب الفلسطيني في عدد من دول العالم العربية والاجنبية . وتفرق القادة النقابيون على مختلف التجمعات الفلسطينية. وبعد النكبة ونكسة حزيران سنة 1967 حاول العمل النقابي الفلسطيني استرداد عافيته واعادة ترتيب اوراقه ،الا ان ملاحقات الاحتلال أضعفته وتم اغلاق العديد من المقرات النقابية وإبعاد عدد من النقابيين خارج فلسطين ووضعهم في السجون والمعتقلات وفرض الاقامة الجبرية عليهم. وفي حقبة الستينات والسبعينات قامت منظمة التحريرالفلسطينية  بتأسيس الاتحادات العامة لغالبية الاطر النقابية .وفي الثمانينات كان لتلك الاتحادات دورا هاما في توعية الفلسطينيين بشؤون قضيتهم والتفافهم حولها الى جانب الاهتمام بقضايا وشؤون منتسبيها.  
أما حقبة التسعينيات فتميزت بنشوء السلطة الوطنية الفلسطينية وما صاحبها من طفرة في بناء المؤسسات النقابية بكافة مسمياتها. 
اما في الوقت الحالي فالواقع الفلسطيني يشهد تراجعا ملحوظا في الاداء النقابي الفلسطيني بسبب الانقسام السياسي الذي أدى إلى تعطل المسار الديمقراطي في غالبية النقابات المهنية بسبب تجميد إجراء الانتخابات والتلاعب بقوانينها لارضاء مصالح أسياد الحكم الجائر وإغلاق بعض المؤسسات النقابية التي لا تلبي أهواءهم في شطري الوطن.
وهكذا تجردت الحركة النقابية الفلسطينية من جوهرها الاصلي حين تم تأسيسها واصبحت تاريخ مشرف وضلع مكسور.
ولن يصلح وضع النقابات الفلسطينية الا بعودة المجلس التشريعي والغاء كل القوانين التي وضعت للقضاء على الحريات ومنعت النقابات من اجراء انتخابات ديمقراطية ونزيهة. وعلى جميع النقابات ان تنهض احرارها وترفض بقوة نهج عربدة السلطة الفلسطينية في التلاعب بمصير الشعب الفلسطيني ونقاباته التي وجدت من اجل الدفاع عن حقوقه في المهن المختلفة.