زيارة وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف، لكل من المنامة والرياض، ومشاركته اجتماع وزراء خارجية بلدان مجلس التعاون الخليجي العربية الستة يوم الأربعاء 1 حزيران يونيو 2022، تعزيز لفرص الاستقلال السياسي لهذه البلدان عن تحالفاتها الإجبارية الأحادية مع الولايات المتحدة والمجموعة الأوروبية، في ظل احتدام المواجهة السياسية والاقتصادية والدبلوماسية بين روسيا من طرف والولايات المتحدة وحلفائها من طرف آخر، على خلفية الاجتياح الروسي لأوكرانيا.
بلدان مجلس التعاون الخليجي حددت موقفها من الأزمة الأوكرانية، عبر البيان الختامي لاجتماع المجلس على مستوى وزراء الخارجية، بالنقاط الأربعة التالية:
1- موقف مجلس التعاون من الأزمة الروسية الأوكرانية، مبني على مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها.
2- أكدوا دعمهم لجهود الوساطة لحل الأزمة سياسياً، على أساس وقف إطلاق النار، وتسوية النزاع من خلال المفاوضات.
3- نوه المجلس الوزاري بالمساعدات الإنسانية والإغاثية التي قدمتها دول مجلس التعاون لأوكرانيا.
4- عبر المجلس الوزاري عن دعمه لكافة الجهود لتسهيل تصدير الحبوب وكافة المواد الغذائية والإنسانية من أوكرانيا مساهمة منها في توفير الأمن الغذائي للدول المتضررة.
العربية السعودية، كما صرح وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم أن بلاده "لن تنتهج سياسة العقوبات التي تمارسها واشنطن وحلفاؤها ضد روسيا" وأن "السعودية لا تنوي اختيار أي من روسيا أو أوكرانيا" وأن المملكة لديها "علاقات تجارية قوية مع البلدين، وأن الانضمام إلى فرض العقوبات تبقى أحادية الجانب".
اللقاء الروسي الخليجي لا تبرز أهميته من حيث التوقيت فقط، حيث جرى الاجتماع بعد قرار الاتحاد الأوروبي المتضمن مزيداً من تقليص الواردات الروسية من الغاز والنفط إلى أوروبا، كامتداد لقرار العقوبات السياسية والاقتصادية الأوروبية ضد روسيا، بل لا يمكن النظر إلى اللقاء الروسي الخليجي، وتقييمه إلا من زاوية تطور في الموقف الخليجي باتجاه عدم التوافق مع القرار الأميركي، والتوجه نحو ممارسة التوازن النسبي للخليجيين في التعامل مع طرفي الصراع الأميركي الروسي، فالتقاليد التراكمية للسياسات الخليجية كانت دائماً في حالة إنحياز للخندق الأميركي، وهذا ما يجعل المراقبون ويدفعهم نحو التدقيق في دلالات الموقف الخليجي عموماً والسعودي خاصة، ومراقبته، وأهمية نتائج لقاء الوزير الروسي لافروف مع وزراء خارجية البلدان الخليجية في الرياض.
لا يمكن قراءة الموقف الخليجي على أنه إنقلاب سياسي على تقاليد سياساتهم الخارجية، ولكنه بالتأكيد يعكس تطورات الوضع الدولي، والتحرر النسبي للخليجيين من هيمنة التفرد الأميركي على مشهد السياسة الدولية، بل ويذهب البعض إلى قراءة مسبقة لما ستؤدي إليه معركة روسيا في أوكرانيا وتطلعاتها لإنهاء نتائج الحرب الباردة، وإلغاء تحكم القطب الواحد.
التطور البارز في مظاهر الوضع الدولي يتمثل في: 1- الموقف الروسي واندفاعه، 2- الاقتراب من وقت إنهاء العقوبات المفروضة على ألمانيا منذ الحرب العالمية الثانية، حيث ستتمكن ألمانيا من بناء قدراتها العسكرية بما يوازي تفوقها الاقتصادي وقيادتها مع فرنسا لأوروبا، ورصدها لمائة مليار يورو لبناء جيشها الوطني، مما يعزز من مكانتها السياسية والتحرر من هيمنة الولايات المتحدة على الموقف الأوروبي، وانعكاس ذلك على مجمل المشهد الدولي وبروز قطب أوروبي متقدم ومستقل.
دلالات الموقف الخليجي المتوازن
نشر بتاريخ: 2022/06/04
(آخر تحديث: 2025/09/18 الساعة: 17:19)
