رؤية ماكرون ومفهوم إصلاح السلطة الفلسطينية!
نشر بتاريخ: 2025/09/03 (آخر تحديث: 2025/09/03 الساعة: 22:34)

برز الرئيس الفرنسي بنشاط غير مسبوق، فيما يتعلق بالحرب العدوانية على قطاع غزة وتشكيل تحالف عالمي من أجل "حل الدولتين" شراكة مع العربية السعودية، منذ زيارته إلى مصر أبريل 2025، وذهابه لمدينة العريش وعيادته الفلسطينيين الجرحى في مشافيها، كأول رئيس يقوم بها كـ "بادرة إنسانية" بملمح سياسي.

ومؤخرا دخلت فرنسا في مواجهة سياسية علنية مع دولة الاحتلال ورئيس حكومتها الفاشية نتنياهو، مثلت "درسا سياسيا" خاصا في مفهوم العداء للسامية، ولأول مرة تذهب باريس لاعتبار نتنياهو خطر على دولة الكيان، وهو التعبير الذي بدأ يتسلل بين بيانات الغضب لأكثر من دولة، وجسده بوضوح أعلى وزير خارجية هولندا فيلد كمب المستقيل احتجاجا على موقف بلاده من حرب غزة.

الحيوية الفرنسية، والتغيير في الموقف من دولة الاحتلال وحربها على قطاع غزة، هو جزء من قراءة التطورات السياسية العالمية، خاصة مع وصول ترامب للبيت الأبيض واستراتيجيته القائمة على وضع فواصل بالعلاقة مع دول أوروبا، وكذلك حلف الناتو، ما يمثل انقلابا استراتيجيا منذ عام 1948، فيما يتجه لبناء "شراكة خاصة" مع روسيا والصين بعيدا عن "الشعارات"، تغيير يضع أوروبا خارج القطبية الجديدة المتشكلة دون ضجيج كبير.

وفي سياق الحراك الفرنسي نحو مؤتمر "حل الدولتين" ووقف حرب غزة، تقدم بما يمكن اعتباره "رؤية ماكرون"، شملت " وقف إطلاق نار دائم، وإطلاق سراح جميع الرهائن، وإيصال مساعدات إنسانية واسعة النطاق إلى سكان غزة، ونشر بعثة لتحقيق الاستقرار في غزة، كما نعمل على ضمان نزع سلاح حماس، وإبعادها عن أي سلطة في غزة في اليوم التالي، وإصلاح السلطة الفلسطينية وتعزيزها، وإعادة إعمار قطاع غزة بالكامل".

عناصر الرؤية الماكرونية قد تكون الأكثر وضوحا، بل هي الوحيدة التي وضع مسارا واضحا للحرب في قطاع غزة ويومها التالي ارتباطا بالسلطة الفلسطينية، واعتبار القطاع جزءا منها، نقيضا للرؤية الترامبية النتنياهوية الرافضة التي تتعامل مع قطاع غزة كجسم انفصالي خاص.

ولكن، ما يثير الاهتمام ما أشار له ماكرون، وفي أكثر من مناسبة، البند المتعلق بإصلاح السلطة الفلسطينية، التي استخدمت رسالة الرئيس محمود عباس "له ولبن سلمان"، دون أي وضوح فيما هو الإصلاح المطلوب:

هل الإصلاح سيكون لدولة فلسطين المفترض أن تعلن بعد مؤتمر "حل الدولتين"، أم تواصل السلطة دورها.

هل يمكن حدوث عمليات إصلاح النظام السياسي في غياب برلمان منتخب، له الحق في محاسبة الرئيس وحكومة الرئيس، يمنح الثقة ويسحبها.

في حال رفضت دولة الاحتلال إجراء الانتخابات العامة، هل يمكن قيامها بطرق غير تقليدية، يتم التفكير بها والاعتراف لاحقا بنتائجها من الدول الراغبة بالإصلاح.

هل هناك شروط محددة للمشاركين في العملية الانتخابية وضمن أي قواعد واسس.

فيما غابت العملية الانتخابية، هل يكون الإصلاح ضمن ذات المؤسسات القائمة، أي قيام عملية "تدوير" في المناصب.

هل الإصلاح يشمل مكونات المؤسسات وتركيبها أم يطال الأهداف السياسية والتعليمية التي يرددها ترامب ونتنياهو كشروط لا تنتهي.

هل عجز الرئاسة الفلسطينية والمؤسسة الرسمية عن القيام بالإصلاحات سيكون له انعكاس على الاعتراف بدولة فلسطين.

أسئلة تستحق أن تقف أمامها الرسمية الفلسطينية قبل الذهاب إلى مؤتمر حل الدولتين، وعليها أن تقدم وضوحا كاملا حولها، خاصة وأن هناك دولا مختلفة وضعتها كحالة شرطية للاعتراف بدولة فلسطين.

بالتأكيد، لن يكون الأمر بسهولة المطالبات، وقد لا تكون وعود الرئيس عباس في رسالته لماكرون وبن سلمان التزاما بإصلاحات، بل يفترض عمل حقيقي بعيدا عن عمليات "التذاكي السائدة".. فالوقت لم يعد من ماء بل من دم شعب وكيان.