في الشركات كما في السياسة، تضع الإدارات اليقظة عدة خيارات، تحوطا لمفاجآت من كل الانواع طبيعية او تقنية او حروب. ما يشغلني هو ان من يدير الحالة الفلسطينية هم في غالبيتهم محترفو الفشل المتكرر، متعالون دون سبب، منكرون للواقع، لا يسمعون ولا يقرأون حتى المخلصات التي يعدها المساعدون الكسالى، مثقلون بحسابات المصالح الضيقة والكيدية الشخصية والسياسية، وقلة الموهبة والمهنية، بمعنى أوضح، عاطلون عن العمل بالفطرة، متواضعو التعليم، يكنون حقدا وكراهية للمثقفين والأكاديميين والموهوبين. عرفات بكل ما له وعليه، كان كالحاوي، يحتفظ في جيبه بخيارات مختلفة بما فيها المغامرة والخطرة، كل خيار وله ادواته ورجاله وموازناته، لكنه لم يكن ليأمن السير في طريق واحد، حتى في حركته اليومية وأمنه الشخصي. هكذا تمكن من السير وسط حقول ألغام متنوعة المصادر والاهداف، وصولا الى اكراهات أوسلو وبداية اول كينونة فلسطينية عرجاء على ارضها.
ما نواجه في قادم الايام أثقل من قدراتكم وأكبر من علامكم وخلاصة تجربتكم المتعثرة. ليس عيبا الاعتراف ولو المتأخر، بان المرحلة ربما تكون اخر الفرص لصراع لا ينتهي وبات مصدر توتر وحروب وثورات لا تتوقف، والحاجة الموضوعية الداخلية الملحة والضغوط والدولية والإقليمية، تستدعي التسريع في تجديد الشرعيات الفلسطينية، الرئاسية والبرلمانية، والاستعداد الجدي والانفتاح على المجتمع بكل تعبيراته بالحوار والتشاور واجراء الاستطلاعات الداخلية العاجلة. مجساتكم الاستشعارية التي تنقل لكم نبض الناس، يائسة وسلبية ولم تعد تؤمن بان حماسها له جدوى، قنوات اتصالكم مع الشارع مقطوعة، حتى حضوركم الكاذب للمناسبات الاجتماعية يرافقها قدر من الغرور والتعالي وجيش من الحرس والمرافقين يعلي من الحواجز والاسوار ولا يلغيها كما تظنون. من يريد ان يسمع او ان يفكر ليس فقط في مستقبله بل كل القضية الوطنية، يبدا بتشكيل عدة غرف عمليات تشتغل بالخيارات الثلاث، قائمة واحدة، دعم قوائم وطنية ومجتمعية مختلفة، تحالف مع حماس، او اعتبارها خصما سياسيا، وقاعدة بيانات دقيقة، وجملة من الاجراءات القانونية والمراسيم المقترحة لدعم هذا الخيار او ذاك، وفي المقدمة، استنهاض الحالة الفتحاوية وحاضنتها الاجتماعية الواسعة، من يتجرأ على طرح استطلاع حركي، لاستشراف موقفهم من حالة الحركة الراهنة ورايهم في الأسماء المطروحة لخوض سباق التشريعي والرئاسي. لنخرج برأي القاعدة التنظيمية والحاضنة الشعبية في نواياكم إعادة تدوير محترفي الفشل والخراب، أدوات وسادة الاقصاء والخنوع والثراء غير المشروع. صدق الشاعر الفلسطيني غسان زقطان حين عنون وختم مقاله الاخير في النهار العربي بالقول ان "فتح هي " أمل الفلسطينيين ومأساتهم "