نشر بتاريخ: 2025/10/25 ( آخر تحديث: 2025/10/25 الساعة: 17:08 )
جون مصلح

بدأنا بالخيمة ونعود للخيمة من جديد

نشر بتاريخ: 2025/10/25 (آخر تحديث: 2025/10/25 الساعة: 17:08)

الكوفية منذ عام 1948 بدأت الحكاية من العراء.

كان الشتات أول بيت لنا والخيمة أول سقف فوق رؤوسنا.

ثم بدأ البناء والتطور حتى وصلنا الى ما وصلنا اليه

شوارع نظيفة وأحياء تنبض بالحياة ومدارس وجامعات ومشاريع ومرافئ وأبراج تلامس البحر.

خمس وسبعون سنة من الكدح والإصرار كي نخرج من خيمة اللجوء إلى بيتٍ يليق بالإنسان.

لكن عام 2023 أعادنا إلى نقطة البداية.

إلى الخيمة ذاتها التي لُفَّت فيها المأساة من جديد.

كأن سبعين عامًا من الإعمار لم تكن سوى استراحة بين حربين.وكأن لم يكن هنا شئ.حرب على اليشر والحجر والشجر ..

في حرب الإبادة الأخيرة لم تُدَمَّر الأبنية فقط بل تلاشت الحياة نفسها.

أكثر من خمسةٍ وستين ألف شهيد ارتقوا.

وما يزيد على مئتي ألف جريح بعضهم بلا أطراف وبعضهم بلا ذاكرة.

آلاف العائلات محيت كاملة.

أطفال بلا أهل.

أمهات بلا أبناء.

رجال فقدوا كل شيء إلا الذاكرة.

يتامى بلا مأوى.

أرامل في خيام بلا سند .

مستشفيات سُوّيت بالأرض.

مدارس ومساجد وجامعات دُمّرت بالكامل.

بلدٌ كامل محي من الوجود.

واليوم يعود الناجون إلى الخيام على نفس الأرض التي بنوا عليها الأبراج.

سبعون عامًا من البناء كي نعود إلى قماشٍ مشدود على أعمدة من وجع.

السؤال ليس كم سنحتاج من الوقت لإعمار غزة.

بل كم يحتاج العالم من ضميرٍ ليعترف أننا بشر نستحق الحياة.

إن تُركت غزة لأهلها ستنهض كما فعلت دومًا. وسبعود وجهها المشرق.

أما إن تُرك القرار ليدٍ خارجية تربط الإعمار بالسياسة فربما لن تعود كما كانت.

هدم كل شئ لكن ما لا يمكن هدمه هو روح غزة.

هي التي تعيد بناء نفسها كل مرة من تحت الركام.

وغدًا حين تنهض ستزرع على أبواب خيامها لافتة تقول:

هنا كنا.. وهنا سنبقى.

وعلى هذه الأرض ما يستحق الحياة..

والله غالب ...