نشر بتاريخ: 2025/08/13 ( آخر تحديث: 2025/08/13 الساعة: 12:57 )
توفيق أبو شومر

مَن هو (هرتسل) دولة فلسطين؟!

نشر بتاريخ: 2025/08/13 (آخر تحديث: 2025/08/13 الساعة: 12:57)

تذكّرتُ كتاب جيروم سيغال وهو الصحافي والباحث اليهودي الأميركي، هو من أنصار حركة السلام، اسم الكتاب (تأسيس دولة فلسطين) صدر الكتاب عام 1989، هذا الكتاب كان صادماً للإسرائيليين، لأنه كان يعني أن جيروم سيغال يُحرّض الفلسطينيين ويطالبهم بأن يُعلنوا دولتهم، من أبرز أفكار الكتاب؛ «على الفلسطينيين أن يعلنوا الاستقلال عن إسرائيل أولاً، ثم أن يعلنوا رغبتهم في تحقيق السلام بين الدولتين، وعليهم بناء المؤسسات الفلسطينية، وهذا لا يمكن أن يتم إلا بعد انسحاب إسرائيل من دولة فلسطين»! لأجل تلك الأفكار أسمى الإسرائيليون المتطرفون، جيروم سيغال: «هرتسل دولة فلسطين» استهزاءً!

وبمناسبة انشغال الصحافة في هذه الأيام بملف الإعلان عن دولة فلسطين، لخص الصحافي الإسرائيلي، غل تروي، في نشرة الصهيونية الرقمية، يوم 10-8-2025 وجهة نظر إسرائيل في حل الدولتين، وهي وجهة النظر الصهيونية المركزية، وهي تتمثل أولاً، في أن الفلسطينيين والعرب رفضوا حل الدولتين، وتمثل ذلك في وقت مبكر قبل الإعلان عن قيام دولة إسرائيل، حين رفضوا قرار التقسيم 181 يوم 29-11-1947 ، مع أن إسرائيل وافقت على هذا القرار!

أورد الكاتب تعليقاً نسبه للحاج أمين الحسيني على القرار: «ها هم اليهود المشتتون يستولون على بلادنا»!

كذلك أورد الكاتب دخول جيوش ست دول عربية إلى فلسطين عام 1948، وأنها دخلت لغاية واحدة وهي طرد اليهود من فلسطين، ولم يذكر سبب دخول تلك الجيوش، وأغفل تماماً المجازر التي ارتكبتها المنظمات الإرهابية الصهيونية ضد الفلسطينيين! وهو يُحيل القارئ إلى قرارات مؤتمر الخرطوم عام 1967 الثلاثة وهي: «لا صلح ولا سلام، ولا اعتراف بإسرائيل»!

لا يكتفي الكاتب الصهيوني، غل تروي بذلك، بل ربط بين الرئيس الراحل ياسر عرفات وبين هتلر، مدعياً أن ياسر عرفات كان يوزع على المقاتلين الفلسطينيين في قواعدهم كتاب «كفاحي» لهتلر! يتهم الكاتب الرئيس عرفات بقتل أكثر من ألف إسرائيلي في الانتفاضة الثانية!

لم يكتفِ الصحافي بما ورد سابقاً، بل إنه نشر مقتطفات من ميثاق حركة حماس تنص على تحرير «كل شبر من فلسطين»!

وهو أيضاً أشار إلى أن إسرائيل عندما انسحبت من مستوطنات غزة عام 2005 فإنها كافأت وأسدت معروفاً للفلسطينيين الذين ردوا هذا (الجميل) بإطلاق الصواريخ على إسرائيل!

إن معظم وسائل الإعلام، بخاصة الإعلام الإسرائيلي تؤكد بأن الرئيس، محمود عباس سوف يعلن عن ولادة دولة فلسطين في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في الشهر القادم، مع العلم أن كل المتطرفين الحارديم في حكومة إسرائيل يستعدون لعقاب الفلسطينيين والمطالبة بحل السلطة الفلسطينية، وعلى رأسهم بن غفير وسموتريتش!

مع العلم أن أول إعلان عن تأسيس حكومة فلسطينية صدر في مدينة غزة عن المجلس الوطني في حكومة عموم فلسطين، يوم 22-9-1948، أي بعد حوالي ثلاثة أشهر من تأسيس إسرائيل، اعترفت بهذا القرار الجامعة العربية، وهو ينص على حق الفلسطينيين في تأسيس دولة فلسطين بخريطتها الانتدابية!

هل سيكون هذا الإعلان وفق قرار منظمة التحرير الفلسطينية يوم 15-11-1988 في قصر الصنوبر بالجزائر؟! إليكم نص إعلان الاستقلال: «باسم المجلس الوطني وباسم الشعب العربي الفلسطيني، نعلن قيام دولة فلسطين فوق أرضنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، استناداً للحق الطبيعي والتاريخي والقانوني للشعب العربي الفلسطيني في وطنه فلسطين، وانطلاقاً من قرارات القمم العربية، ومن قوة الشرعية الدولية، التي نصت على ممارسة الفلسطينيين حق تقرير المصير والاستقلال السياسي والسيادة فوق أرضه، إن دولة فلسطين هي وطن كل الفلسطينيين، أينما كانوا، فلسطين دولة محبة للسلام...»!

أم أن إعلان الدولة سيكون وفق اتفاقية أوسلو عام 1993، دولة تبقى بمسمّاها السابق، (حكم ذاتي) على منطقتين، الضفة الغربية وقطاع غزة، بعد انسحاب إسرائيل من المناطق الفلسطينية، على أن يتم الإعلان عن تأسيس دولة فلسطين بعد خمس سنوات من اتفاقية أوسلو السابقة، وفق نص الاتفاق؟

أم أنها دولة فلسطين (الإسرائيلية) التي ترغب إسرائيل في بنائها على شاكلة إمارة، أندورا؟ ظلَّ نتنياهو يردد أنه لا يمانع بدولة فلسطينية مثل جزيرة كورسيكا منزوعة السلاح، ولكنه فجأة غيَّر جزيرة كورسيكا بجزيرة أخرى وهي جزيرة أندورا، عندما استقبل الرئيس ترامب في إسرائيل في ولايته الأولى يوم 14-2-2017 ، مع العلم أن إمارة أندورا تقع بين فرنسا وإسبانيا، ومساحتها حوالي خمسين ألف كيلومتر، وعدد سكانها ثمانون ألف مواطن، لهذه الدولة حاكمان، الرئيس الفرنسي الحاكم العسكري، والأسقف الإسباني الحاكم الديني والمدني، وهي إمارة ليس لها جيش مسلح!

لن أنسى أيضا لعبة نتنياهو في قضية (حل الدولتين) فهو قد قال في أكثر من مناسبة: «لا تصدقوا أقوالي باللغة الإنجليزية، عندما أعلنتُ عن موافقتي على حل الدولتين في جامعة بار إيلان عام 2009، بشرط أن تكون دولة فلسطين منزوعة السلاح، صدقوني فقط عندما أتحدث بالعبرية، فأنا ضد حل الدولتين»!

أم أنها دولة فلسطين الفرنسية والبريطانية التي وافق على تأسيسها الرئيس الفرنسي ماكرون والبريطاني كير ستارمر إعلامياً، احتجاجاً على المجازر التي تجري في غزة على أيدي جيش إسرائيل؟! إن الهدف من هذه الدولة هو فقط إرغام إسرائيل على إدخال الأكل لسكان غزة المُجوَّعين، ولا تعني حل الدولتين بالمفهوم الحقيقي للدولة.

أم أنها دولة فلسطين المستقلة المعروضة دائماً في مؤتمرات القمة العربية ومؤتمرات دول السوق الأوروبية المشتركة بتعبير (حل الدولتين) غير معرَّفة الحدود لكل من الدولتين، وبدون اتفاقية سلام بينهما؟!

أما حل الدولتين بالمفهوم الأميركي والأوروبي فإنه يختلف عن مفهوم دولة فلسطين الحرة وعاصمتها القدس الشريف على أرض الآباء والأجداد، حل الدولتين الأميركي هو شعار للأسف يرفعه الحزب الديموقراطي الأميركي في وجه إسرائيل عندما تتمرد إسرائيل على ديموقراطية أميركا، حل الدولتين الأميركي يعني فقط تعزيز المخزون الاستراتيجي للحزب الديموقراطي الأميركي من مخزون (شعار الديموقراطية) بالدرجة الأولى، ويعني فقط تعزيز العلاقات مع الدول العربية، وإسكات ثورة الفلسطينيين، وهو خالٍ تماماً من حقيقة الدولة الفلسطينية الحرة!

إن دعم الدول العربية والعالَم لفلسطين ضروريٌ لتأسيس دولة فلسطين، لكنه سيظل شعاراً ناقصاً، بسبب عدم التوافق بين الفلسطينيين أنفسهم على إعادة القوة لمنظمة التحرير الفلسطينية، لأن منظمة التحرير هي العصب المركزي لهذه القضية!

تذكروا، إن استعادة قوة منظمة التحرير بالانتخابات والإصلاحات كفيلة بإعادة الدول العربية والعالم لنصرة فلسطين وتأييد إقامة الدولة!