عمار حمايل... بطل المواي تاي الذي اغتاله الاحتلال قبل أن يحقق حلمه

عمار حمايل... بطل المواي تاي الذي اغتاله الاحتلال قبل أن يحقق حلمه
الكوفية في الثالثة عشرة من عمره، حمل الطفل عمار حمايل من قرية كفر مالك شمال شرق رام الله، حلمًا كبيرًا بأن يصبح يومًا ما بطلًا عالميًا في رياضة المواي تاي، وأن يرفع اسم فلسطين عاليًا في البطولات الدولية. لكن رصاصة غادرة أطلقها جندي من جنود الاحتلال، سرقت حلمه في لحظة، وأطفأت نوره قبل أن يسطع.
في مساء يوم الإثنين، كان عمار يركب دراجته الهوائية كعادته، عندما باغته رصاص الاحتلال دون أي سبب أو مبرر. تُرك ينزف على الأرض، ومنع الجنود سيارات الإسعاف من الاقتراب منه، قبل أن يُعلن عن استشهاده لاحقًا، واحتُجز جثمانه لساعات قبل أن يُسلّم إلى عائلته المفجوعة.
ترك رحيل عمار صدمة في قلوب من عرفوه، خاصة مدربه أحمد أبو دخان الذي وصفه بالطفل الاستثنائي، الشغوف، المبتسم دائمًا، والمحترم إلى أقصى الحدود. يقول أبو دخان: "كان عمار شجاعًا لا يخشى أي خصم، وكان ملتزمًا بتدريباته بشكل مذهل. كان حلمه أن يصبح بطلًا عالميًا. فقدانه كلاعب مؤلم، لكن فقدانه كطفل أحببناه بصدق، هو ألم لا يُحتمل".
يروي المدرب تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل استشهاد عمار: "أرسل لي رسالة بعد الظهر، ظننتها بخصوص التدريب، لكني لم أفتحها فورًا. بعد ساعة رأيت أنه حذفها. ثم علمت من خالته أنه أُطلق عليه النار. حاولت طمأنة والدته، لكن قلبي كان يرتجف. وبعد فترة، تأكدت الفاجعة عندما ظهرت صورته على شاشة الأخبار، تحت عنوان استشهاد طفل فلسطيني".
يتذكر أبو دخان لحظة دخوله إلى النادي بعد سماع الخبر، حيث رأى زملاء عمار الصغار جالسين بصمت دامع. دخل غرفة التدريب وأغلق الباب، وانهار بالبكاء كطفل. لم يتمكن من الذهاب فورًا إلى القرية، لكن حين نُقل جثمان عمار إلى مجمع رام الله الطبي، ذهب بخطوات مثقلة، ولم يصدق أن من يراه مستلقيًا على السرير هو الطفل الذي كان يملأ المكان بالحيوية والحلم.
والدة عمار، التي دخلت الغرفة حيث جثمان ابنها، نظرت إلى المدرب وقالت: "أنت آخر من تحدث إليه، قال إنه سيحضر خطوبتك، وقال إنه سيعود للتدريب". كانت تلك الكلمات كالسهم في قلب أبو دخان، الذي كان يستعد للاحتفال بخطوبته بعد يومين، لكنه قرر تأجيلها احترامًا لروح عمار. إلا أن والدة الشهيد أصرّت عليه أن يُكمل فرحته، قائلة: "عمار اختار ملابسه للاحتفال معك، لا تحرمه فرحته".
وفي الجنازة، كان طلبها مؤلمًا حد الانهيار: "لا تدعهم يضعوا التراب على فم ابني... لا أريد له أن يختنق".
زملاء عمار في نادي المواي تاي تحدّثوا عن شجاعته وروحه المرحة، وذكرياته الجميلة معهم. قالت ليليان عليص: "ضحكته كانت تملأ الأجواء... كان كأخ لنا جميعًا". وأضاف إبراهيم جاموس: "كان يسافر معنا ويتحدى أقوى الخصوم بشجاعة لا تُصدق".
واختتم المدرب حديثه بحرقة: "عمار كان بطلًا حقيقيًا، وهذا ما أخاف الاحتلال. لقد رفع اسم فلسطين وهو حي، وسيظل يرفعه وهو شهيد. لم تكن خسارة عمار مجرد فقدان طفل، بل كان ذلك اغتيالًا لحلم فلسطيني بأكمله".
من جهته، أصدر الاتحاد الدولي لرياضة المواي تاي بيانًا نعى فيه الشهيد، وعبّر عن صدمته العميقة لفقدان طفل بهذه الشجاعة والطموح، مؤكدًا أنه كان أكثر من مجرد رياضي، بل رمزًا للأمل والمستقبل. وأعلن الاتحاد عن تنكيس الأعلام ووقف الأنشطة في نهائيات البطولة الآسيوية حدادًا على روحه، مؤكدًا أن عمار سيبقى في قلوب الرياضيين ومحبي السلام حول العالم.