نشر بتاريخ: 2025/09/23 ( آخر تحديث: 2025/09/23 الساعة: 21:13 )

"حشد".. الإبادة الجماعية في غزة من منظور نسوي

نشر بتاريخ: 2025/09/23 (آخر تحديث: 2025/09/23 الساعة: 21:13)

الكوفية أصدرت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" ورقة حقائق جديدة بعنوان: "الإبادة الجماعية في غزة من منظور نسوي"، من إعداد الباحثة سلمى حسام المدهون، والتي تسلط الضوء على التداعيات الكارثية لحرب الإبادة والعدوان الإسرائيلي المستمر على النساء والفتيات في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 وحتى اليوم، وذلك في ظل ظروف غير إنسانية تتعرض خلالها النساء لأشكال متعددة من الانتهاكات التي طالت حقهن في الحياة والصحة والأمن الغذائي والكرامة الإنسانية.

الورقة أوضحت، أن النساء والفتيات هنّ الأكثر تضرراً من جرائم الاحتلال، حيث شكّلن مع الأطفال ما نسبته 60% من مجموع الضحايا المدنيين، وقد تجاوز عدد الشهيدات من النساء 12,500 امرأة، منهن تسعة آلاف أم، فيما بلغ عدد الأرامل اللواتي فقدن أزواجهن بسبب الحرب 21,182 أرملة، الأمر الذي يضع على عاتقهن مسؤولية إعالة أسر فقدت معيلها الأساسي.

وتناولت الورقة واقع انعدام الأمن الغذائي الذي تتعرض له النساء، حيث أشارت إلى أن حصيلة الوفيات الناتجة عن التجويع وسوء التغذية بلغت أكثر من 2,100 حالة منذ بداية العدوان، من بينها 442 حالة في الأشهر الأخيرة فقط. كما بيّنت أن ما يزيد عن 250 ألف امرأة وفتاة يعانين من الجوع الشديد، فيما تواجه نصف مليون أخرى سوء تغذية حاد، و97,625 طفلًا، من بينهم 49,116 فتاة، عانوا من سوء التغذية الحاد خلال أغسطس 2025. وأكدت الورقة أن الأمهات غير قادرات على إرضاع أطفالهن أو توفير الغذاء لهم، ما أدى إلى وفاة الآلاف منهم جراء الجوع.

أما فيما يتعلق بالصحة الإنجابية، فقد كشفت الورقة عن أن أكثر من 41,615 امرأة حامل ومرضع يعانين من سوء التغذية الحاد، وأن أكثر من 12,000 حالة إجهاض سُجّلت بسبب ظروف الحرب القاسية ونقص الرعاية الطبية. كما أوضحت أن مئات الآلاف من النساء والفتيات يواجهن صعوبة كبيرة في إدارة الدورة الشهرية نتيجة ندرة الفوط الصحية وانعدام الخصوصية في مراكز النزوح والملاجئ.

كما تناولت الورقة الآثار النفسية والصحية التي طالت النساء، مشيرة إلى أن 75% منهن يعانين من الاكتئاب المزمن، و62% يعانين من الأرق، و65% من اضطرابات الكوابيس والتوتر الحاد، فيما تواجه أكثر من 162,000 امرأة أمراضًا مزمنة وغير سارية مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري وأمراض القلب والسرطان، مع انعدام شبه كامل للرعاية الصحية اللازمة، ما يهدد حياتهن بخطر المضاعفات أو الوفاة.

وفي جانب العنف القائم على النوع الاجتماعي، وثقت الورقة استنادًا إلى تقارير أممية وشهادات ميدانية ارتكاب قوات الاحتلال انتهاكات ممنهجة بحق النساء منذ أكتوبر 2023، شملت الاغتصاب والتعذيب الجنسي والإذلال والاعتقال، في إطار سياسة منظمة تهدف إلى العقاب الجماعي وتفكيك النسيج الاجتماعي الفلسطيني.

أما على صعيد النزوح وفقدان الأمن الاقتصادي، فقد أشارت الورقة إلى أن 92% من المساكن قد دُمّرت أو تضررت، إلى جانب المستشفيات والبنية التحتية، ما أدى إلى نزوح أكثر من 1.4 مليون فلسطيني بحاجة ماسة إلى مأوى طارئ، بينما لم يدخل سوى 1,175 خيمة منذ أغسطس 2025، وهو رقم لا يلبي الحد الأدنى من الاحتياجات. وأكدت الورقة أن النساء النازحات يواجهن واقعًا أشد قسوة يتمثل في انعدام الخصوصية والأمان، ما يزيد من احتمالات تعرضهن للعنف القائم على النوع الاجتماعي.

وعلى الصعيد القانوني والجيوسياسي، شددت الورقة على أن ما يجري في غزة يرقى إلى جريمة إبادة جماعية بموجب القانون الدولي، إلى جانب ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، في ظل فرض عقوبات جماعية محظورة تمثلت في قطع الكهرباء والمياه وفرض قيود صارمة على دخول المساعدات الإنسانية. وأشارت الورقة إلى أن لجنة التحقيق الدولية المستقلة أكدت في تقريرها الصادر في سبتمبر 2025 ارتكاب إسرائيل لجريمة إبادة جماعية، موثقة الانتهاكات الجسيمة بحق النساء والمدنيين. كما أكدت أن قوات الاحتلال خرقت قرار مجلس الأمن رقم 1325 الذي ينص على حماية النساء أثناء النزاعات المسلحة وضمان مشاركتهن في عمليات السلام.

واختتمت الورقة بالتأكيد على أن النساء والفتيات في قطاع غزة يدفعن ثمنًا باهظًا نتيجة سياسات الإبادة الجماعية والعقاب الجماعي، داعية المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه حماية المدنيين، وفي مقدمتهم النساء والأطفال، عبر جملة من التوصيات أبرزها: العمل الجاد لوقف الإبادة الجماعية ورفع الحصار بشكل فوري، إنشاء مراكز آمنة تقدم الرعاية الطبية والنفسية والقانونية للنساء، ضمان ممرات إنسانية آمنة لوصول المساعدات والمواد الطبية خصوصًا المتعلقة بالصحة الإنجابية، تعزيز الحماية الاجتماعية وإشراك النساء في عمليات صنع القرار، توفير قسائم غذائية ودعم المشاريع الصغيرة التي تقودها النساء، وأخيرًا تفعيل آليات المحاسبة وفرض العقوبات على دولة الاحتلال لوقف جرائمها المستمرة بحق النساء في غزة.

وتؤكد "حشد" أن هذه الورقة تكشف حجم المأساة المركبة التي تتعرض لها النساء في قطاع غزة، والتي تتجاوز حدود الأرقام والإحصاءات لتشكل مأساة إنسانية عميقة تستدعي تحركًا عاجلًا وفاعلًا من المجتمع الدولي لإنقاذ ما تبقى من حياة وكرامة للنساء والفتيات الفلسطينيات.