جثث تتكلم.. وأمم تصمت

جون مصلح
جثث تتكلم.. وأمم تصمت
رأينا وجعا لا يحتمل وسمعنا صمتا لا يغتفر
رأينا اسراهم يخرجون بأجساد سليمة ووجوه مطمئنة رغم حصار المجاعة الذى خنق غزة حتى الموت
لم تظهر على وجوههم علامات العذاب ولا على اجسادهم اثار الاهانة
بل تصريحاتهم انفسهم انهم لم يمسوا بسوء ولم يعاملوا الا كما تعامل الكرامة حين تكون فلسطينية الاصل ..
اما اسرانا فقد خرجوا من السجون اشباه بشر
نحفاء حتى الهياكل
اجسادهم محطمة
عيونهم مطفأة
اطرافهم مفقودة من طول التقييد والكلبشات التى حفرت اللحم حتى العظم
منهم من فقد بصره من طول العصابة على العين
ومنهم من يحمل على جسده اثار عض الكلاب البوليسية التى اطلقها السجانون كما يطلقون حقدهم
ومنهم من خرج بعظام مكسورة وندوب تغنى عن الف شهادة
ومنهم من تعرض للاغتصاب بابشع صوره لا لشىء سوى لانه فلسطينى ..
اما من عادوا الينا جثثا فهم الشهود الصامتون على الجريمة الكبرى
جثث محروقة ومهشمة العظام
طلقات اطلقت من مسافة صفر
اعدامات ميدانية لاسرى مقيدين لا حول لهم ولا قوة
وبعضهم سحقت اضلاعه بالاليات العسكرية كما لو ان الحياة لا تستحق الرحمة فى نظر جلاديهم
اى زمن هذا الذى يعذب فيه الاسير ثم يصمت العالم عنه
اى قوانين تلك التى تعاقب الضعيف وتبرر جرائم الاقوياء
اى انسانية تقاس بجواز السفر لا بالوجع
اى عدل يمر على جثثهم ولا يتوقف لحظة ليسأل كيف ولماذا
كل هذا موثق
كل هذا معروف
لكن العالم اصم
لان الضحية فلسطينى والقاتل صهيونى
فوق كل القوانين فوق كل الاعراف فوق كل وجعنا
يغسل الدم بالكذب وتغطى الحقيقة بالسياسة
انها ليست حربا فقط على الارض بل حرب على مفهوم الانسان نفسه
حين يهان الاسير ويقتل بدم بارد ويسكت العالم
حينها نعرف ان الانسانية سقطت
وستبقى عذابات اسرانا عنوانا للعار العالمى
وسيبقى صمت العالم جريمة لا تغتفر
والله غالب..