النزوح… مدرسة الصبر الكبرى

جون مصلح
النزوح… مدرسة الصبر الكبرى
الكوفية ليس في غزة ما هو أبلغ من حكاية الخيمة..
تلك التي نُصبت أول مرة فوق رؤوس من شُرِّدوا من بيوتهم. فظنّوا أنها أيام قليلة وتنقضي فإذا بها تتحوّل إلى قدرٍ يطول ويطول… برد يلسع العظام شتاء وحرارة تخنق الأنفاس صيفا وأرض بلا ماء ولا خدمات تحوّلت لسقفٍ جديد للحياة..
أكثر من مليون إنسان عاشوا هذه التجربة القاسية منذ شهور طويلة أطفال ونساء وشيوخ ومرضى يُفتّشون في تفاصيل يومهم عن لقمة تسد الجوع أو جرعة دواء تبقي الروح حيّة هؤلاء لم يعودوا مجرّد نازحين… بل أصبحوا خبراء الصبر يحملون على أكتافهم معنى البقاء حين تغلق سبل الحياة..
والمأساة لا تتوقف هنا فالمليون الثاني ينظر إليهم بعيونٍ مرتعشة يخاف أن يلقى نفس المصير. إنهم المروعون من فكرة ترك البيوت. يحدّقون في الخيام كأنها أبواب موتٍ بطيء… فالأولون هم السابقون وهؤلاء ينظرون إلى أنفسهم كأنهم اللاحقون...
فيا رب يا عزيز مقتدر… اجعل لهذه الأمة من بعد العسر يسرًا ومن بعد النزوح رجوعًا كريمًا ومن بعد هذا البلاء فرجًا ونصرًا وامنحهم خلاصًا يحفظ لهم ما تبقّى من كرامة وموطن..
والله غالب ...