نشر بتاريخ: 2025/07/26 ( آخر تحديث: 2025/07/26 الساعة: 15:52 )
فراس ياغي

إنّهم يكذبون حتى في أحلامهم

نشر بتاريخ: 2025/07/26 (آخر تحديث: 2025/07/26 الساعة: 15:52)

الكوفية تناولت صحيفة "هآرتس" في مقال حول المفاوضات الجارية في "الدوحة" معتبرة انها معقدة لأنها تبحث نهاية الحرب على "غزة" وقد اشار الكاتبان "جوناثان ليز" و "جاكي خوجي" إلى ذلك في مقالهم: "مصدر سياسي: الأطراف تبحث في الدوحة ملفات تتعلق بإنهاء الحرب استعدادًا للمرحلة المقبلة" الصادر في 20/7/2025 " وذكرت "صرح مصدر سياسي مطلع على مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح الرهائن لصحيفة هآرتس نهاية الأسبوع أن إسرائيل، ولأول مرة، تُجري محادثات مع حماس بهدف إنهاء الحرب."

وأضافت : “هذه المفاوضات تختلف عن الصفقات السابقة. ففي حين تناولت الصفقات السابقة إطلاق سراح الرهائن وإطلاق سراح الاسرى الفلسطينيين "القتلة"، فإن هذه الصفقة تتناول بالفعل مسألة إنهاء الحرب. لذا، فإن كل شيء متشابك. الاتفاق معقد للغاية”، وهنا يحاول الكاتبان أعلاه التأكيد على أن الحرب قد انتهت على "قطاع غزة" وأن الجانب الإسرائيلي بدأ لأول مرة بحث ذلك.

ويضيف الكاتبان في مقالهما "وبحسب المصدر، “تتناول هذه المفاوضات كيفية انتهاء هذه الحرب أو استمرارها، وما سيحدث في غزة، وكيفية إعادة جميع الرهائن. هناك بند كامل في إطار الاتفاق يتناول القضايا التي ستُناقش بشأن إنهاء الحرب. يمكن لكل طرف إضافة قضايا جديدة، وسيتم مناقشتها خلال 60 يومًا”. وأشار إلى أن الوفد الإسرائيلي توجه إلى الدوحة بنطاق عمل واسع وتفويض كافٍ. وأن هناك مرونة كافية للتوصل إلى اتفاق دون التخلي عن قضايا مثل احتياجات إسرائيل الأمنية."

بالتأكيد هناك بند في الصفقة المطروحة لمدة ستين يوما يتحدث عن نهاية الحرب، وهذا البند يتناول أربع قضايا، الأول- هو شكل اليوم التالي للحرب " طببعة الحكم في غزة"، والثاني- يتناول الترتيبات الأمنية، والثالث- الضمانات لإنهاء الحرب، والرابع- يتحدث عن أن كل طرف من حقه إضافة موضوع للتفاوض عليه

صحيح أن الحرب على غزة قد استنفدت اهدافها وان مخطط "نتنياهو" بالاتفاق مع الرئيس "ترمب" هو العمل على إنهاؤها، ويذكر هنا ان رئيس الوزراء الإسرائيلي "نتنياهو" عندما سألوه عن موعد نهاية الحرب قبل شهرين، قال ستنتهي في الذكرى الثانية للسابع من تشرين/ اكتوبر، اي خلال شهرين ونصف، إضافة إلى انه ولأول مرة "نتنياهو" يتحدث في الغرف المغلقة عن شروط نهاية الحرب

نعم هناك مخطط للذهاب إلى نهاية الحرب، وخرائط إعادة الانتشار التي عُرضت في "الدوحة" وعُدّلت اربع مرات، هي ليست سوى خرائط نهاية الحرب، حيث يبحث "نتنياهو" خطة بديلة لخطة التهجير والتي تستند إلى بناء معسكرات اعتقال بمسمى مدينة إنسانية أو خيام إنسانية، إذا المطروح بالأساس هو التهجير، ولكن إذا لم ينجح فسوف يذهبون نحو نهاية الحرب، عبر خطة تبقي أيضا ما أسموه "التهجير الطوعي" وخطط الخرائط أي إعادة الانتشار جزء من ذلك.

لكن دعونا نقول ان المطروح مرتبط ببقية الملفات في المنطقة، و "نتنياهو" بحاجة لهدنة الستين يوما لكي يتم الانتهاء من الملفات الأخرى المتمثلة في ملف "سوريا"، وملف "لبنان"، وملف "إيران"، خاصة أن الانتهاء منها سيسهل الانتهاء من ملف "غزة"، وهنا نشير إلى ان وزير الامن الإسرائيلي "كاتس" قال: "حسمنا الملفات في المنطقة ولم يتبقى سوى ملف "غزة" وملف "اليمن""، لكن الوقائع تشير غير ما يقوله "كاتس" لأن ملف "لبنان" لم يحسم وملف "إيران" كذلك، في حين ملف "سوريا" يُعتقد أنه في طريقه للحسم.

في ملف "غزة" فإن خطة "نتنياهو" تتمحور كما قلنا حول إعادة الإنتشار وفق الخرائط المقدمة لكي يتم التعامل مع "غزة" بمنطق التقسيم الجغرافي الجديد، بإعتبار أن المناطق العازلة وبما يشمل تلك المنطقة في "رفح" والملاصقة لمحور "فلاديلفي" هي مناطق تُصنف "جيم" وبقية المناطق في غزة تصنف على اساس انها مناطق "باء" أي إدارة ذاتية وإشراف أمني إسرائيلي، وهنا سيتم التعامل مع "غزة" وفقا للنموذج اللبناني ونموذج الضفة الغربية.

خطة "نتنياهو" تحظى بقبول أمريكي لأن الهدف النهائي هو تحقيق الأهداف عبر نزع سلاح المقاومة وكما يجري في "لبنان"، حيث لا إعمار مع وجود السلاح، وإستمرار عمليات الإغتيال والتدخل المباشر بمسمى عمليات امنية موضعية لدرء الخطر وتشجيع ما يسمى التهجير الطوعي، نعم ملف "غزة" كوضع نهائي سيكون جزءاً من المساومات بما يتعلق بتسوية الصراع "الفلسطيني الإسرائيلي" حينما يتم بحث توسيع "الإتفاقيات الإبراهيمية" التي سيتم طرحها في العام الثاني لفترة الرئيس "ترامب" اي عام 2026 والتي تندرج تحت شعار "السلام بالقوة" كما أعلن الرئيس "ترامب" ولا يزال وكما يتحدث "نتنياهو" عما يسميه التغيير الجيو سياسي.

قبل أكثر من أسبوعين بقليل كتبت مقال بعنوان "انتخابات مبكرة أم جبهة حرب جديدة"، واشرنا فيه لمجمل الملفات التي يريدون حسمها حتى يستطيع الرئيس "ترامب" ان يطرح مشروعه المستند لمفهوم "السلام بالقوة"، واليوم وبعد ما حدث في "سوريا" ومفاوضات "الدوحة" التي ترسم إطار الى نهاية الحرب في "غزة" نستطيع استقراء التالي:-

أولا- ملف سوريا دخل في مرحلة الحسم وعبر تنفيذ عملي لتفتيت "سوريا" إلى دويلات أو كانتونات أو فدراليات، سوف تتبع للمركز في "دمشق" وفق اتفاقيات تَرسم طبيعة العلاقة، في حين هذه الفدراليات ستتمتع باستقلالية ذاتية إدارية ومالية وامنية، وهذا سيمكن دولة الاحتلال من بسط نفوذها على منطقة واسعة في جنوب شرق وغرب "سوريا" بمسميات مختلفة أهمها توسيع المنطقة العازلة والمنزوعة السلاح الثقيل والمتوسط، إضافة إلى فتح ممر "داود" الذي سيربط الكانتون "الدرزي" ب "الكردي".

الجولاني "الشرع حاليا" لم يُدرك أن من يُشكل خطر على "سوريا" الموحدة هي دولة الاحتلال ، هذا إذا افترضنا حسن النية، والحقيقة فإن مجرد مجيئ "احمد الشرع" والموافقة عليه دوليا وإقليمياً لكي يترأس "سوريا" ويصبح رجلها الأول، أثمانها كبيرة وباهظة جدا لأنها ستمس وحدة الجغرافيا والديموغرافيا السورية، خاصة أن الرجل ومجموعته المسلحة المتحالفة مع مجموعات أخرى تحمل تقريبا نفس الفكر، وأصبحت هي الجيش السوري والأمن العام، ولا يمكن وتحت اي ظرف ان تقبل فيها الأقليات "سابقا كان اسمهم مواطنين سوريين"، لأن عقيدة هؤلاء تتناقض كليا مع تربية وتوجه هذه المجموعات المسلحة التي تفتخر بذبح من تسميهم "النصيريين" و "الكفار"، وما حدث في الساحل السوري بذبح آلاف "العلويين" باسم ملاحقة "فلول النظام" وما حدث ويحدث في "جبل العرب"، كلها مخططة لكي تطلب الأقليات الحماية، أي ان سياسة "الشرع" هي من تدفعهم نحو ذلك، وطبعا الحماية ستكون "إسرائيلية" فهي الآن تُعتبر سيدة وشرطي المنطقة، الخلاصة في الملف السوري أن عملية حسمه بدأت منذ أن تم إسقاط النظام السابق، ومسمى سيطرة الثورة والثوار على "دمشق" هي متطلب لإحداث الفوضى ولاحقا التقسيم، فأي ثورة هذه التي تنجح في إسقاط النظام بدعم إقليمي وفق مخطط "امريكي" وبمساعدة إسرائيلية اعلنها بشكل واضح "نتنياهو" حين قال: "نحن اسقطنا نظام بشار الاسد"، طبعا وكما يبدو خجل ان يقول وأتينا بنظام "الجولاني- احمد الشرع".

ثانيا- الملف اللبناني...يشعر الأمريكي وفق معطيات لبنانية داخلية ان قصة نزع سلاح "حزب الله" ليست سوى مسألة وقت، خاصة أن الثلاثي الرئاسي في لبنان متفقين على ذلك ولكن ضمن واقع وظروف اسمها تمكين الدولة اللبنانية وأقلها وقف الاختراقات الإسرائيلية للأجواء اللبنانية وتحديد زمن محدد للانسحاب الإسرائيلي من الخمس نقاط التي سيطر عليها في الجنوب اللبناني...طبعا هذه المقاربة واقعيتها تصل الى حدود السراب، كون الإسرائيلي يرى أن يده طويلة وأنه لن يقبل بشيء اسمه "تمكين" الدولة اللبنانية، بل يتمسك بمفهوم "القوة" المقررة التي تفرض شروطها بالنار والحديد، فلا سيادة لأي دولة ضمن مفهوم "نتنياهو" إعادة رسم الواقع الجيو سياسي في المنطقة، عبر خرائط النفوذ والوصاية والإشراف الأمني التي ستشمل دول الحدود القريبة "سوريا ولبنان"، والضم القسري والتهجير للجبهات اللصيقة "الضفة الغربية وقطاع غزة".

ثالثا- الملف الإيراني-

الرئيس"ترمب" كان واضحا "إيران بلا نووي سلمي أو عسكري "،وفي حين كان وزير الأمن الإسرائيلي "كاتس" أوضح حيث قال: "جاهزين لاستئناف الحرب على إيران"، هذه التصريحات وغيرها حددت الخطوط الحمر أمام "إيران" وهي خطوط تمس السيادة وتتعارض مع القانون الدولي، لكنها تُشير بما لا يقبل مجال للشك، أن مسألة النفوذ الإسرائيلي…