نشر بتاريخ: 2025/10/24 ( آخر تحديث: 2025/10/24 الساعة: 14:54 )
جون مصلح

من يقود غزة فعلاً

نشر بتاريخ: 2025/10/24 (آخر تحديث: 2025/10/24 الساعة: 14:54)

قراءة في المشهد الميداني والسياسي ..في ظل الضباب الذي يلف مشهد ما بعد الحرب

تبدو غزة كأنها تعيش مرحلة إعادة تشكيل عميقة لا أحد يملك القرار كاملاً ولا أحد خرج منه تماماً الوجوه في الواجهة لم تعد كالسابق والموازين تغيّرت لكن السؤال الأعمق يظل معلقاً من يقود غزة فعلاً ؟ من يقود غزة فعلاً ليس سؤالاً سياسياً بل سؤال واقع الوجوه التي نراها ليست بالضرورة هي من تملك القرار السلطة في غزة اليوم موزعة كخيوط متشابكة بين أطراف عديدة كل طرف يملك مفاتيح محددة دون أن يمتلك الباب كله القيادة الميدانية تدير تفاصيل الأمن والخدمات بواقع الأمر لا بمرسوم، القيادة السياسية تحاول الحفاظ على الشكل والشرعية وسط ضباب معقد، السلطة الفلسطينية غائبة حضوراً وحاضرة غياباً، تطل عبر التنسيق حيناً وعبر التمويل حيناً آخر، أما المجتمع الدولي فقد تحول من مراقب إلى شريك فعلي، فالمشاريع والتمويلات تمر من بوابات الأمم المتحدة والمانحين، لا من مؤسسات الحكم المحلية وفي وسط هذا التداخل تحاول حماس أن تبقى ممسكة بخيوط الحكم دون أن تملك حرية الحركة بينما تراقب إسرائيل وتعيد رسم الخطوط بدقة تجعل كل خطوة محسوبة مصر وقطر تتقاسمان الدور ما بين التهدئة والتمويل وفتح البوابات فتتحول غزة شيئاً فشيئاً إلى منطقة إدارة متعددة الرؤوس لا مركز لها الناس في الشوارع تشعر أن القرار يتخذ في الخارج وينفذ في الداخل، وأن من يظهر في الواجهة لم يعد يملك إلا التوقيع على ما تم الاتفاق عليه مسبقاً .
اقتصاد المساعدات صار لغة الحكم الجديدة والأمن بات وظيفة مشتركة بين من يريد السيطرة ومن يريد الهدوء في هذا المشهد المعقد لم تعد غزة تقاد بقرار سياسي واحد بل تدار بمجموع مصالح متشابكة لا يجمعها إلا بقاء الوضع كما هو ويبقى السؤال مفتوحاً دون إجابة، هل ما زال أحد يقود غزة فعلاً أم أن الجميع يقود جزءاً منها ولا أحد يملك الاتجاه .
غزة اليوم تشبه سفينة فقدت بوصلة الربان كل موجة تدفعها نحو شاطئ جديد وكل يد تمتد لتوجهها تخفي خلفها اتجاهاً آخر الناس على ظهرها ينتظرون معجزة لكن البحر لا يصنع المعجزات هو فقط يكشف من يعرف كيف يمسك الدفة.