القاهرة تجمع الفلسطينيّين: الوحدة أو الضّياع
نبيل عمرو
القاهرة تجمع الفلسطينيّين: الوحدة أو الضّياع
الكوفية لدى الدولة المصرية وخصوصاً جهاز المخابرات العامة، معلوماتٍ كافية عن الفصائل وحجم تأثيرها في الساحة الفلسطينية.
كانت المعلومات دقيقة قبل الحرب على غزة، وهي الآن أكثر دقة بعد ما حدث في غزة.
وغير الفصائل وأحجامها وقدراتها، فهنالك السلطة المندمجة كلياً في المنظمة وفتح، والتي اختبرت قدراتها الفعلية على مدى عامي الحرب، فإذا بها قدرات غاية في التواضع، أي بحجم وجودها الفعلي على أرض الازمات، وهذا يعني أن الجانب الفلسطيني بمعظم مكوناته فُرض عليه بفعل الحرب أن يكون ثانوياً في اللعبة، ذلك باستثناء حماس التي احتكرت القتال والمفاوضات، بانعزالٍ يكاد يكون مطلقاً عن باقي المكونات، وخصوصاً تلك المنضوية تحت لواء منظمة التحرير والسلطة الشرعية في رام الله، والآن وبعد أن لم ينجح لقاء الفصائل في القاهرة، وهذا كان متوقعاً حتى من جانب المصريين، الذين طوّقوا التجربة بلقاءاتٍ منعزلةٍ مع فتح والسلطة، وذلك في جهدٍ مواظبٍ ومدروسٍ هدفه سد الثغرات في الجانب الفلسطيني قدر الإمكان، وذلك لإيجاد مسوّغاتٍ منطقية لإشراك الشرعية الفلسطينية في ترتيبات اليوم التالي، وهذه مسألةٌ تعتبرها مصر أساسيةً في جهدها لدعم الحضور السياسي الفلسطيني في الحلول المقترحة بشأن غزة وما بعدها.
لم يكن لقاء القاهرة من أجل إيجاد حل سحري عاجل للانقسام الفلسطيني الذي بدا مزمناً فهذه مسألةٌ لها حساباتٌ ووسائل وتحضيرات مختلفة، بل كان من أجل توحيد كلمة الفلسطينيين إزاء الترتيبات المتعلقة بغزة، وسد الثغرات التي يمكن استغلالها للتخريب، وكذلك لإيجاد حاضنةٍ لتنازلات حماس المحتملة في المرحلة التالية.
الفصائل الفلسطينية مكوّنٌ هو الأضعف والأقل تأثيراً في المسارات الجديدة التي نشأت بفعل الحرب على غزة، ويُسجّل لمصر أنها الأكثر عنايةً بإدخال المكوّن الفلسطيني إلى المعادلة، وهذا يحتاج إلى غلافٍ فصائلي ينفع من أجل الصورة.
مصر منحت للفصائل التي لم تتفق بصورة كاملة شهراً وربما أقل للقاءٍ آخر، لعله يكون أوفر حظاً من حيث المشاركة والنتائج، وخلال هذه المدة الطويلة بالقياس لتسارع التطورات بشأن كيفية تطبيق مبادرة ترمب، وما تحتويه المرحلة التالية من تعقيداتٍ أكثر صعوبةً من تعقيدات المرحلة الأولى.
الفلسطينيون جميعاً والمعني هنا الفصائل والسلطة والمنظمة حشروا في زاويةٍ واحدة، ما يحتم عليهم الاتفاق حتى على أدق التفاصيل، إذا ما كان لهم فرصة للمشاركة في فعاليات اليوم التالي، وما يمكن أن يليه من فعالياتٍ أوسع. غير أن معالجتهم لعلاقاتهم البينية تبدو سائرةً في الاتجاه العبثي القديم، الذي أدام الانقسام قرابة ثمانية عشر سنة، وإن لم يجري تدارك الحالة الآن وفي أقل من الشهر الممنوح لهم، فالعالم الذي انخرط في تسوية غزة على أساس مبادرة ترمب لن ينتظر وبإمكانه التجاهل والتجاوز.