دور الولايات المتحدة يتعاظم في غزة… من المستفيد؟
د. عماد عمر
دور الولايات المتحدة يتعاظم في غزة… من المستفيد؟
الكوفية منذ توقيع اتفاقية السلام في شرم الشيخ وفرض وقف الحرب في قطاع غزة، يبرز الدور الأمريكي كلاعبٍ محوري في رسم ملامح المرحلة المقبلة، فقد سحبت واشنطن اليوم أحد أهم عناصر القوة من يد إسرائيل، والمتمثل في التحكم بإدخال المساعدات الإنسانية، لتنقل هذه الصلاحية إلى مركز التنسيق المدني–العسكري المقام في كريات غات، بمشاركة نحو أربعين دولة.
هذا التحول يعني أن ورقة الضغط التي كانت تستخدمها الحكومة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين قد انتزعت منها، لتنتقل إلى يد الإدارة الأمريكية، وهو ما يشكل خسارة استراتيجية لتل أبيب ومصدر ارتياح نسبي للفلسطينيين، حتى وإن بقيت السيطرة الميدانية على المعابر بيد إسرائيل، التي قد تتردد الآن في وضع عراقيل أمام إدارة ترامب.
لكن السؤال الأهم الذي يفرض نفسه: ما الذي تريده الإدارة الأمريكية من قطاع غزة؟
هل ما عجزت إسرائيل عن تحقيقه خلال عامين من حرب الإبادة يمكن أن تنجزه واشنطن بوسائل أكثر نعومة، عبر سياسة “القوة الناعمة” التي تتجلى في فتح المعابر، وتدفق المساعدات والبضائع، والسماح للمرضى والطلبة وعائلاتهم بالسفر؟ إن أعداد هؤلاء قد تتجاوز نصف مليون مواطن، ما يعني أن الباب يُفتح أمام تحولات اجتماعية وديموغرافية عميقة تحت غطاء إنساني.
كما يثار التساؤل حول طبيعة قوة الاستقرار الدولية التي ستدخل القطاع في المرحلة الثانية من الخطة الأمريكية: هل ستكون ذات مهام أمنية بحتة أم سلطوية تسعى لفرض استقرار يخدم مشاريع اقتصادية وتجارية كبرى؟ وما مصير حقول الغاز في المنطقة الشمالية من بحر غزة، والفقاعات الغازية المكتشفة قرب دير البلح، والتقارير التي تشير إلى ان منطقة النصيرات تتربع على حقل واسع من الغاز ؟
يبدو أننا أمام اتفاق غير معلن بين واشنطن وتل أبيب، مفاده أن الحرب التي أدارتها الأولى ونفذتها الثانية قد انتهت عسكرياً، لتبدأ الآن مرحلة جني الثمار الاقتصادية، وأن من سيتبقى من سكان القطاع سيُعاد توظيفهم كقوة عاملة في مشاريع تنموية تُقام على أرضهم.
غير أن التجربة التاريخية تقول إن الفلسطيني، الذي أفشل مراراً المشاريع السياسية والاقتصادية الإسرائيلية الأمريكية، قد يجد نفسه اليوم أمام اختبارٍ جديد:
هل سيتمكن من إفشال هذه المرحلة أيضاً، مع الاخذ بعين الاعتبار حجم الدمار الشامل الذي طال كل جوانب الحياة في غزة.