نشر بتاريخ: 2025/10/22 ( آخر تحديث: 2025/10/22 الساعة: 11:13 )
حسن عصفور

فتح من حركة شعبية إلى حركة انتظارية على قارعة طريق غزة!

نشر بتاريخ: 2025/10/22 (آخر تحديث: 2025/10/22 الساعة: 11:13)

خلال عامي الحرب الإبادية التي نفذتها دولة العدو الاحلالي في قطاع غزة، بخدمة نادرة من قبل الحركة "الإخوانجية حماس"، لم يكن لحركة فتح أي مظهر من الحضور الوطني العام، واختفت فصيلا وقيادة عن أي فعل شعبي داخل القطاع.

ولعل البعض حاول أن يجد "عذرا وبعض العذر إثم" لذلك الغياب الغريب، فبعد اتفاق شرم الشيخ التنفيذي لخطة ترامب، كان الافتراض أن تطل حركة فتح وتخرج من سباتها الذي امتد 24 شهرا ونيف، وتشارك أهل قطاع غزة بعضا مما يبحثون بعد رحلة خراب تاريخية، عن بقايا سكن وبقايا حياة، وهي التي تملك قوة خاصة لها أن تمثل قاطرة خاصة فيما سيكون.

ومع بدء تنفيذ الخطة الترامبية بطريقة انتقائية، حضرت أصوات فتحاوية بقوة على الصعيد الإعلامي، غالبها من خارج قطاع غزة، لتطالب أن تقوم حماس بالخروج كليا من المشهد، وتفتح الباب لها وتمهد الطريق امامها كي تقوم بواجبها في تحمل المسؤولية.

بعيدا، عن أن خروج حماس كليا من الوجود السياسي هو حق وطني وضرورة لا بد منها، لكن غير الحق والمهين وطنيا، أن تنادي الحركة التي قادت المشروع الوطني عبر الثورة الفلسطينية المعاصرة منذ 1965، وقادت وضع قواعد أسس المشروع الكياني منذ نوفمبر 1974، عندما حمل الخالد ياسر عرفات بندقيته وغصن سلامه ليفرض وجود منظمة التحرير عضوا مراقبا في الأمم المتحدة، ومستكملا تأسيس الكيانية الأولى فوق أرض فلسطين مايو 1994.

حركة فتح، صاحبة الشعبية الأولى حتى لحظته، بكل ما أصابها من مؤامرات انقسامية وأمراض ذاتية بكل مسمياتها كانت كفيلة لدفنها، تقف تنتظر من قوى العدو الأمريكي والاحلالي السماح لها بالعمل داخل قطاع غزة، بعدما تنظف لها مخلفات الحركة التي قادت المشروع التخريبي المضاد للمشروع الوطني.

منطقيا، كان على قيادة فتح ورئيسها العام محمود عباس، أن يطلق ورشة حراك شعبي عام في مختلف مناطق قطاع غزة، فرق تعطي بعضا من "طاقة كفاحية" لبقايا سكان، حراك يؤكد أن مرحلة خطف المشروع الوطني إلى زوال أبدي، وبأن "أم الجماهير" تنهض من موات سياسي.

كان على مركزية فتح ورئيسها، التي التقت لبحث عودة أحد أفرادها، أي كان سببها وغايتها والهدف منها، أن تضع خطة عمل انقاذية وفق الممكن، وأن ترفع قيادتها المحلية في قطاع غزة رأسها، وتخرج من مخابئ حماية، رغم أنها ليست مطلوبة ولا ضمن حساب المطاردة، كونها لم تكن جزء من الفعل العام، لكنها واصلت الغياب وكان التطورات ما بعد 9 أكتوبر 2025 لم تصلها بعد.

مركزية فتح، التي تجاهلت موات قيادتها المحلية عن المشاركة بأي مهمة وطنية شعبية في قطاع غزة، كرست ذاتها لأن تناشد الآخرين للقيام بكل ما يلزم كي تعود على "طبق أمريكي" لتمارس مهامها الحكومية في القطاع، دون أن تفكر لحظة في حساب من أضاع الحضور الفتحاوي خلال ما سبق، مكتفيا بكل الألقاب والامتيازات التي لم تنقطع، رغم انقطاع الفعل الوطني.

مركزية فتح، التي أقدمت على معالجة قضية فردية لم تقف أمام معالجة وضع تنظيمي خاص في قطاع غزة، أهم كثيرا من الحالة الفردية، معالجة ما يعرف بقضية "التيار الإصلاحي"، والذي كان حاضرا عبر خدمات مجتمعية ملموسة، وهي مسألة تستحق كثيرا المعالجة السريعة، حماية لفتح أولا، وقوة لها ثانية، وتعزيزا لدورها في اليوم التالي، بأنها تبحث المصلحة العليا بعيدا عن "الذاتيات المرضية" التي أنهكت الحركة زمنا.

مركزية فتح، بصفتها ومهمتها، إن لم تسارع بمعالجة مرضها الخطير في قطاع غزة بتصويب ذاتها السياسية والتنظيمية، وإنهاء ما كان منذ سنوات، ستفقد بريقها الوطني، وتنتقل من حركة شعبية قادت ثورة وأسست كيان إلى حركة انتظارية على قارعة طريق قطاع غزة.